تعد المملكة من الأمم السمينة بمعدلات سمنة وزيادة وزن تصل إلى70? من المجتمع. وبغض النظر عن الآثار الشكلية والنفسية لهذا الوباء، فإن له آثارا صحية هائلة، خاصة أننا كما تشير الإحصائيات نفقد عشرين ألف مواطن سنويا بسبب السمنة.
تشترك الأمراض غير السارية كأمراض القلب والسكري والسرطانات وغيرها بأربعة عوامل خطرة، وهي استهلاك التبغ، والأنظمة الغذائية غير الصحية، واستهلاك الكحوليات وقلة النشاط البدني. تعد هذه العوامل الأربعة المؤشرات التي يقاس على أساسها المستوى الصحي الفردي والمجتمعي، وتستخدم كأحد المعايير المهمة غير المباشرة لقياس أداء الدول والتزامها بالأهداف الإنمائية للألفية التابعة للأمم المتحدة.
ومع ذلك فإن ما ذكر أعلاه من معايير وعوامل لا يمكن تطبيقه ومتابعته إلا في نظام بيئي مجتمعي محدد الملامح نظاميا، بحيث لا تطغى دائرة من دوائره على الأخرى كما هو حاصل في الجدل الفارغ حول الرياضة النسوية في المؤسسات التعليمية. لا يمكن الوصول للأهداف الوطنية المحددة للنشاط البدني النسوي المؤسسي، على سبيل المثال، ودائرة المجتمع تحمل تيارات تستغل ثغرة انعدام الأنظمة الرادعة لطغيانها على دائرة الأسرة السعودية التي ترغب بتعزيز صحة نسائها وبناتها كمواطنات، وطغيانها أيضا على دائرة المؤسسة التعليمية الوطنية التي تحاول القيام بواجبها ضمن الصلاحيات الممنوحة لها من قبل الدولة لتعزيز صحة المواطنات كأحد الحقوق الإنسانية الأساسية البديهية.
اختلال النظام البيئي المجتمعي الناتج عن انعدام الأنظمة وضعف المتوفر منها يحتم البحث عن طرق أخرى تسهل الوصول للأهداف الصحية والمجتمعية والاقتصادية المرجوة من تعزيز النشاط البدني النسوي المؤسسي لحين تصحيح المسار النظامي لحقوق المواطنات الصحية.
ضربت جامعة الأمير نورة بنت عبدالرحمن مثالا رائعا على قيام المؤسسات التعليمية الوطنية النسوية بواجبها المجتمعي بتعزيز الصحة من خلال ماراثونها الرياضي الذي أقامته هذا الأسبوع لطالباتها تحت شعار "معا لصحة أفضل". أخذت جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن زمام المبادرة في إقرار حق صحي لطالباتها ولم تشح بوجهها عنه، بل ارتقت لتوقعات الملك يحفظه الله منها وملأت فخامة المكان بفخامة الأداء.
قامت جامعة الأميرة نورة بإحراج وزارتي التربية والتعليم والصحة اللتين عجزتا عن أداء كل ما يناط بهما، ولم تستطيعا تسجيل أي إنجاز للفتيات والنساء بإقرار حقهن الإنساني بممارسة النشاط البدني النسوي المؤسسي.
فشلت وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة بإقرار هذا الحق للطالبات والاستثمار بصحتهن صغيرات وصحة المجتمع كبيرات، فما زالتا تعيشان حالة من التصريحات الإعلامية عن الصحة المدرسية وتفعيل الاستراتيجية الرياضية المدرسية السعودية من دون منجز على أرض الواقع لتأتي جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن وترسم لهما خارطة الطريق.
ومن هذا المنجز يأتي المقترح لسد ثغرة الاختلال البيئي المجتمعي، وهو دعم الطالبات ومؤسساتهن التعليمية التي تقوم بتعزيز النشاط البدني، حيث إن إكمال سباق ماراثون بجامعة الأميرة نورة، على سبيل المثال، يعكس أبعادا صحية واقتصادية على الدولة، بمساهمة هؤلاء الطالبات وجامعتهن بتقليل عوامل الخطورة وما ينتج عنها من إرهاق للنظام الصحي بأمراض ناتجة عن قلة النشاط البدني لدى النساء.
للدعم أشكال وأنواع تم تطبيقها في دول متحضرة عديدة وأثبتت فعاليتها، فهناك الائتمان الضريبي للعوائل التي يلتزم أبناؤهم ببرامج الرياضة داخل المؤسسات التعليمية، وأيضا للمؤسسات التعليمية التي تحتضن وتطبق هذه البرامج بفعالية. وعلى الجانب الآخر هناك تجارب بفرض ضرائب على العوائل التي لا يلتزم أبناؤها ببرامج الرياضة في المؤسسات التعليمية، أو ضرائب على المؤسسات التعليمية ذات الأنشطة الرياضية الضعيفة والمعدومة.
وحيث إن المملكة لا تملك نظاما للضرائب، فإن البديل هو دعم الطالبات المنتظمات ببرامج الرياضة داخل المؤسسات التعليمية وعوائلهن بقسائم تخفيض رسوم لخدمات قطاعات الدولة الخدمية المختلفة، وهو ما يعد سهل التطبيق بوجود الحكومة الإلكترونية والخدمات الإلكترونية للقطاع الخاص. فالطالبة التي تلتزم ببرنامج رياضي بجامعتها ومدرستها تحصل هي وعائلتها على قسائم تخفيض دورية لرسوم المياه والكهرباء والاتصالات وغيرها، أما المتميزات كالفائزات بالمراتب الأولى بماراثون على سبيل المثال فيحصلن على بعثات داخلية وخارجية لا تخضع لأي معايير تنافسية أخرى، بل وتتجاوزها لمقاعد توظيف محددة مسبقا بالقطاعين الحكومي والخاص حال تخرجهن بتميز في نشاط رياضي.
أما المؤسسات التعليمية المعززة للنشاط البدني، كجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، فتحصل عضواتها وموظفاتها المشرفات على هذه البرامج على بدلات تتناسب ومعدلات نجاح برامجهن بمؤشرات صحية وبمؤشرات الإنجازات المحلية والإنجازات الإقليمية والعالمية لطالباتهن في البعثات النسوية الرياضية السعودية.
أما من تقرر الانسحاب من الطالبات طوعا أو كرها لأسباب عائلية من البرامج الرياضية التابعة للمؤسسات التعليمية فتخضع هي وعائلتها لنظام نقاط رسوم تراكمي يوجه المؤشر الاقتصادي الصحي بشكل مستنير عن تأثير عدم نشاطهن والأمراض الناتجة عنه على استهلاك الخدمات الصحية بالمنطقة والمدينة اللاتي يقطن بها، ومن ثم تحدد الرسوم اللازمة عليهن وعلى عوائلهن دفعها مقابل انسحابهن من هذه البرامج ليتم استثمارها في برامج صحية لمسحهن مبكرا عن الأمراض المزمنة، وبالتأكيد ستكون هناك استثناءات لأسباب صحية نادرة قد تمنع من ممارسة الرياضة بشكل منتظم.
التشريعات أعلاه هي الأساس لدفع عجلة الوقاية الصحية لمجتمع يافع جله لم يتجاوز الـ25 عاما، ولا مجال للاستثمار بنشاطه البدني الرياضي إلا من خلال البرامج الرياضية بالمؤسسات التعليمية، وخاصة أن نصفه النسوي لم يحصل على حق التنقل والوصول للمماشي أو المراكز الرياضية المحدودة، ومن استطعن، يتم التهامهن بأسعارها النارية.
هذه التشريعات هي التجسير الوحيد لإقرار حق ممارسة الرياضة النسوي المؤسسي والذي طال انتظار الاعتراف به نظاميا بوضوح وحزم حتى تتم حماية وحفظ حق ممارساته من المواطنات وحفظ المؤسسات التعليمية القائمة عليه من غزوات التخلف الحضاري.