اخترقت طائرات مقاتلة أميركية من طراز "F16" الأجواء السورية أول من أمس، انطلقت من إحدى القواعد الجوية الأردنية وبلغت قرابة 5 كيلو مترات في داخل الأجواء السورية. ورجحت مصادر أن تكون المقاتلات دخلت الأجواء السورية وبلغت هذا المستوى من العمق عن طريق "الخطأ"، طبقاً لترجيحات المصادر. لكن المصادر اعتبرت أن احتمالية دخول المقاتلات الأميركية الأجواء السورية عن طريق الخطأ، أو أنها ضلت طريقها، "ضئيلة جدا، ووضعت عملية الاختراق في إطار رسالةٍ أميركية لنظام دمشق، مفادها "نحن موجودون على مقربة منك".

وأوضحت المصادر أن مقاتلات سورية واجهت نظيرتها الأميركية بعد رصدها اختراق الأجواء، لكن الأخيرة تراجعت وبسرعة فائقة لنقطة انطلاقها.

ولم تُُسم المصادر القاعدة الجوية الأردنية التي أقلعت منها المقاتلات الـF16 الأميركية، لكنها ربطت الأمر بوجود طائرات أميركية على الأراضي الأردنية، بعد تمرين "الأسد المتأهب" الذي شاركت فيه الولايات المتحدة ضمن 19 دولة في 9 يونيو الجاري.

وحول الصراع الأميركي الروسي حول سورية، اتفق التقدير العام في واشنطن على فشل لقاء الرئيسين الأميركي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين في قمة الثمانية. ويعني ذلك أن جهود وزيري خارجية البلدين جون كيري وسيرجي لافروف، تحال الآن بهدوء إلى الثلاجة، وهو أمر لا يعني بالضرورة أنها انتهت إلا أنه يعني بالتأكيد أن مساراً آخر بات يتصدر خريطة الاختيارات الأميركية تجاه الأزمة السورية. والمسارات المقترحة تتضمن بطبيعة الحال ما أشار إليه السيناتور جون ماكين، من فرض مناطق لحظر الطيران فوق سورية.

بيد أن موقف البنتاجون من "تصعيد" الدور الأميركي إلى مستوى فرض منطقة حظر طيران يواجه معارضة متماسكة من جنرالات الوزارة حتى اللحظة الراهنة. وباستثناء قلائل فإن الرأي السائد هو أن مثل تلك الخطوة لن تحدث أي تأثير جوهري لا سيما بعد ما يقال عن حصول فصائل مختارة من قوات المعارضة على صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف.

غير أن الإدارة تطبق دون إعلان منطقتي حظر فوق المجالين الجويين الأردني والتركي باستخدام طائرات إف - 16 التي أبقيت في الأردن بعد انتهاء مهمتها في الحالة الأولى وباستخدام بطاريات باتريوت في الحالة الثانية. وثمة تحليلات متداولة تتسم بقدر من التعقيد الفني والعسكري تبرهن على أن إعلان واشنطن لمنطقة حظر طيران فوق سورية قد لا يكون بالفعل الخطوة العسكرية الأفضل في اللحظة الحالية على الأقل.

وكان بعض مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية سربوا مطلع الشهر الجاري أنباء تفيد بأن الاتصالات التي تدور لترتيب قمة أوباما – بوتين لا تمضي في مسار مشجع من زاوية النظر الأميركية. لأن أسباب التعثر ترجع إلى قضايا أكثر شمولا من المسألة السورية.

غير أن الخلاف حول سورية ظهر بصورة واضحة مع وصول معلومات استخبارية تفيد بأن ما حمله المبعوث الرئاسي الروسي ميخائيل بوجدانوف، إلى كل من طهران وبيروت، حيث التقى القيادات الإيرانية وقادة حزب الله اللبناني في الأسبوع الأخير من أبريل الماضي تلخص في موافقة روسية صريحة على دخول قوات حزب الله إلى الأراضي السورية مدعومة بالإيرانيين.

وبعد اتفاق لافروف وكيري بعد ذلك بنحو شهر في لقائهما بموسكو على عقد المؤتمر الدولي سادت توقعات بأن روسيا ستدفع بصدق نحو إنجاح المؤتمر الدولي الذي اقترحه الوزيران. غير أن موسكو لم تبلغ طهران أو حزب الله بأي تبدل في موقفها، بل إنها أعلنت عن مواصلة تسليح النظام السوري. وأدى ذلك طبقا لروايات متداولة في واشنطن إلى حالة من الغضب في البيت الأبيض إذ بدا أن موسكو تعمل على إفشال الحل الدبلوماسي، الذي اتفق عليه لافروف وكيري قبل أن يبدءا، فيما كان وزير الخارجية الأميركي يسعى جاهدا إلى حمل المعارضة السورية خلال لقاءاته بممثليها في تركيا الشهر الماضي، إلى الموافقة على الاقتراح الروسي – الأميركي المشترك.

وذهب دبلوماسي أميركي إلى القول بأن روسيا اختارت أن "تلعب بخشونة" وأن ترد على ما تعتقد أنه كان خديعة أميركية في ليبيا. وأدى ذلك إلى تغيير اتجاه الريح في صفوف الإدارة وترجيح كفة الداعين لمساعدة المعارضة عسكريا.