كل المجتمعات قابلة للتطوير والتغيير.. لكن لا بد من تهيئة المناخات الملائمة.. مؤسسات المجتمع المدني وسيلة حضارية لبناء أسس الحياة السليمة في المجتمع.. هناك في كثير من دول العالم من يعدها حكومة ظل رديفة.

ولذلك فإن أول معيار يجب على الشخص أن يضعه نصب عينيه عند تفكيره في الانخراط في العمل المؤسسي المجتمعي هو الرغبة الصادقة في العمل والإنجاز وخدمة المجتمع.

مؤسسات المجتمع المدني التطوعية ليست مكاناً للتسلية وقضاء أوقات الفراغ.. ليست مكاناً للفسحة.. وليست - وهذا المهم - مكاناً لـ"الترزز" والتقاط الصور التذكارية وملاحقة الفلاشات وإطلاق التصريحات الرنانة!

الواقع أن "كثيراً" من مؤسسات المجتمع الوليدة خلال السنوات الماضية أصبحت حاضناً للفارغين والراغبين في التسلق والتملق.. بعضها وسيلة للضحك على الناس.. بعضها لا تعلم ما الذي يريد القائمون عليها.. فبعضهم يريدون منصباً للوجاهة!

المضحك في بعض هذه الجمعيات أن بعض أعضائها يصنعون منها مجالاً للنكتة، ومادة للتندر في المجتمع - بعض الأحيان - مثل جمعية حماية المستهلك والجمعية الوطنية للمتقاعدين وغيرها.

هذه الأخيرة أطلقت قبل يومين أكثر من نكتة، منها رصدها لعملية شراء أصوات في انتخاباتها، وصنع تكتلات انتخابية، ونفي للاتهامات بـ"عسكرة" الجمعية، وأن هذه الاتهامات مغرضة ومثيرة للبلبلة!

الذي يقرأ هذه التصريحات من الخارج يظن أننا أمام جمعية حقيقية، ذات حضور كبير في المجتمع، وأثر كبير على حياة المتقاعدين، وليس بضعة متقاعدين ميسوري الحال يرتدون "المشالح" في إحدى الشقق الصغيرة، لا حول لهم ولا قوة.. لا أحد "يسمع" لهم، فضلاً عن أن "يستمع" إليهم!

لا تستطيع في السعودية اليوم أن تنكر وجود مؤسسات المجتمع المدني، لكنك لا تنكر في نفس الوقت أن وجودها كعدمها.. من الذي أوصلها إلى هذه الحالة البائسة؟