لم تقنع التعديلات التي أدخلتها اللجنة الخاصة بدراسة مشروع زواج السعوديين بالأجانب في مجلس الشورى، عددا لا يستهان به من الأعضاء الذين شنوا انتقادات لاذعة لبعض تلك التعديلات، متمسكين في الكثير منها بالرأي الذي خلصت إليه الحكومة، الأمر الذي أعاد الموضوع إلى المربع الأول. وكان هناك تباين بوجهات نظر مجلسي الوزراء والشورى حول تنظيم زواج السعوديين بغيرهم، دفع لإحالة هذا الملف للأخير مرة أخرى، على أن يرفعه للملك مباشرة بعد تمريره في جلسة لاحقة.

انتقادات واسعة

الانتقادات الواسعة من الأعضاء تركزت على إدخال بعض المفردات التي رأوا أن من شأنها التفريق بين القيد الأمني وخلو السوابق، لكون أن اللجنة حاولت صياغة هذه المادة على نحو يغيب شفافية الأنظمة الإدارية. واتفقت وجهات نظر كل من العضوين الدكتور ناصر الشهراني وصالح الحصيني على الأخذ برأي الحكومة الذي يشترط ألا يكون على السعوديين الراغبين في الزواج من الخارج أحكام جنائية. الحصيني كذلك، سجل انتقادا على زيادة العقوبات على مخالفي أحكام مشروع زواج السعوديين بغيرهم، والتي تتمثل في حرمان أحدهم من الاستفادة من القروض الاستثمارية وقروض الزواج، مشددا على ضرورة ألا ينجر المجلس في هذا الاتجاه، والاكتفاء بالعقوبات المقررة في النظام.

السماح بالزواج

اللجنة الخاصة ذهبت برأيها للسماح بالزواج ممن ولد في المملكة من أبوين غير سعوديين، بشرط أن يكون له إقامة نظامية وشهادة ميلاد صادرة من سجل المواليد في المملكة وعاش في المملكة مدة خمس سنوات متتالية، بينما رأت الحكومة أن تكون مدة الإقامة عشر سنوات، ورأى أحد الأعضاء أن اللجنة لم تعرض في تقريرها مبررات الحكومة، واقترح آخر الموافقة على مدة السنوات العشر إذا كانت متفرقة.

أما العضو الدكتور سالم القحطاني فقد طالب اللجنة بتحديد مبررات حذفها لرأي الحكومة في تحديد عدد سنوات الإقامة داخل المملكة، أو تقديم حل وسط يشمل الزواج لمدة عشر سنوات متفرقة.

مشاكل نفسية

موانع زواج السعوديين بغيرهم لم تسلم هي الأخرى من النقاش الذي دار في الجلسة الساخنة أمس، ومنها شرط ألا يكون الفرق السني أكثر من 25 سنة تحسبا للمشاكل النفسية، وهو ما توقف عنده العضو القحطاني مطالبا بإلغائه، لكون أن المشاكل النفسية ليس لها سن محددة أو فترة عمرية محددة، بينما طلب عضو آخر تفسيرا من اللجنة حول تمسكها بهذه الأعداد من السنين، وخصوصا أنها لم تقدم أي مستند شرعي أو علمي يدعم رأيها.

فحص المخدرات

وحول ضرورة فحص المخدرات، وإيكال مهمة فحص الراغبين بالزواج وفقا لأحكام النظام الحالي للمحكمة المختصة وممثليات المملكة في الخارج للتحقق من خلوهم منها، رأى عدد من الأعضاء أن يطبق هذا الشرط على الزواج بين السعوديين أنفسهم، معربين عن تأييدهم لهذا الأمر.

على صعيد متصل، وافق مجلس الشورى أمس على مشروع نظام تأمين المصادر الاحتياطية للطاقة الكهربائية، بعد أن استمع المجلس لوجهة نظر لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة، بشأن ملحوظات الأعضاء وآرائهم تجاه مشروع النظام. ويشدد مشروع النظام على إلزام مسؤولي ومشغلي وملاك الأماكن والمنشآت التي حددها النظام بتأمين مصدر احتياطي للطاقة الكهربائية لا تقل قدرته عن الحد الأدنى اللازم في حالات الطوارئ وفق اشتراطات كود البناء السعودي.

نشاط "التنمية"

من جهة أخرى طالب المجلس بتحديث نظام الصندوق السعودي للتنمية الصادر بالمرسوم الملكي ذي الرقم م/48 في 14/8/1394هـ، كما طالب بإعداد دراسة مستقلة لتقييم نشاط الصندوق السعودي للتنمية منذ تأسيسه وحتى الآن في تحقيق أهدافه.

وأكد المجلس على الفقرة الثالثة من قراره السابق، والتي تنص على إرفاق تقرير عن الميزانية العامة والحسابات الختامية للصندوق مع التقرير الخاص بنشاط الصندوق على جداول مقارنة بين ما يقدمه الصندوق والصناديق العالمية الأخرى المماثلة.. جاء ذلك بعد أن استمع المجلس لوجهة نظر لجنة الشؤون المالية بشأن ملحوظات الأعضاء وآرائهم تجاه التقرير السنوي للصندوق السعودي للتنمية للعام المالي 1432-1433 هـ.

نظام العمل

كما ناقش مجلس الشورى أمس تقرير لجنة الإدارة والموارد البشرية بشأن طلب تعديل بعض مواد نظام العمل. ورأت اللجنة أنه بعد دراسة التعديلات المقترحة على بعض مواد نظام العمل وكذلك آراء ممثلي القطاع الخاص واللجنة العمالية، الموافقة على التعديلات المقترحة على بعض المواد بعد اقتناعها بمبررات التعديل. كما رأت اللجنة إجراء تعديلات على مواد شملت زيادة نسبة العمال السعوديين المطلوب تدريبهم، وتحميل صاحب العمل تكاليف انتقال العامل في حال تكليفه بعمل في مكان آخر، وتعديل عدد أيام تغيب العامل عن العمل لتصبح ثلاثين يوماً عوضاً عن أربعين يوماً، والإبقاء على مكافأة نهاية الخدمة، وعدم وضع خيار دمجها مع الراتب، وإعطاء العاملة حرية توزيع إجازة الوضع حسب احتياجها قبل الوضع أو بعده. ورأى أحد الأعضاء ضرورة التأني في مناقشة التعديلات، حيث إنها تؤسس لبيئة عمل لها تأثيراتها التي تتجاوز الشأن الاقتصادي إلى شؤون سياسية واجتماعية.

وقال عضو آخر إن التعديلات تعالج الكثير من التظلمات التي ترفع لمكاتب العمل، وهيئة تسوية الخلافات العمالية، ويجب العناية بدراستها. وتحفظ أحد الأعضاء على استثناء بعض الفئات من مواد هذا النظام، ورأى أنه غير صحيح ولا يخدم سوق العمل، لأن نظم العمل في العالم هي نظم تحمي العامل وتحمي حقوقه، مطالباً بمد الحماية التي يوفرها النظام لتشمل الجميع.

تحديد ساعات العمل

من جانبه طالب عضو آخر أن يحدد النظام ساعات العمل، وأن يسهم في تنظيم أوقات العمل المسموح بها، بحيث لا تتجاوز السابعة مساء ولا تستثني المحلات التجارية، موضحاً أن فتح المجال للعمل إلى ساعات متأخرة من الليل تسبب في الكثير من المشكلات الاجتماعية والصحية التي يعاني منها المجتمع السعودي، بالإضافة إلى أثره الواضح على إنتاجية المواطنين الذين انتشرت فيما بينهم عادة السهر إلى أوقات متأخرة. وأشار أحد الأعضاء إلى أن مواد النظام لا توضح موقفها من نقل الموظف إلى منطقة أخرى لحاجة العمل، مطالباً بأن يفرد لهذا الأمر إيضاح يبين حدوده. وانتقد أحد الأعضاء إلزام الموظف بقضاء نفس مدة التدريب في المؤسسة، مقترحاً ألا تتجاوز المدة الإلزامية نصف مدة التدريب.