قرأت خبرا عن نايدا آسيالوفا وهي سيدة اعتنقت الإسلام حديثا في جمهورية داغستان المضطربة في القوقاز والقريبة من الشيشان في موسكو، تعرفت إلى ديمتري سوكولوف، وهو مسلم تزوجها وجندها في "الحركة الإسلامية المسلحة" وهو حاليا في داغستان ومن ثم فجرت نفسها بحافلة مليئة بطلاب مدرسة صغار في مدينة فولجوجراد، فقتلت 6 منهم وجرحت 32 آخرين. كما شاهدت مقطع فيديو لانتحاري سجل تبريرا لنفسه وللقتل قبل أن يفجر جسده قائلا: الإسلام لن ينتشر إلا بالأشلاء؛ كانت هذه فكرته. هذه الفكرة الدخيلة على الإنسانية وعلى الإسلام وعلى فكرة الجهاد نفسها لم تعد على الإسلام إلا بالسوء وسودت صفحات الإسلام بالعار الإنساني الكبير. منذ متى علمنا أن الجهاد يكون بقتل النفس التي حرم الله قتلها؟ منذ متى كان نشر الإسلام عن طريق الغدر بالأبرياء وتفجير الأجساد؟ ما الذي سيضيفه للإسلام هذا المعتوه المهووس الذي سيفجر نفسه وسط مجموعة من المارة أو طلاب مدرسة أبرياء؟ من أين أتت له فكرته المريضة بأنه من خلال الأشلاء وتفخيخ الجسد سينشر الإسلام؟

سأعيد لكم مشهد الجهاد الحالي والمنتشر بين مجاهدي الأحزمة الناسفة؛ يأتي شخص مفخخ يفجر حافلة للأطفال، يفجر في مطعم مملوء بالناس، ثم يكبر ويهلل أنه نشر الإسلام، بل إنه جعل الإسلام مشوها، دمويا وليس هناك إنسان واحد طبيعي على وجه الأرض، سيقتنع بإسلامك الذي قتل الأبرياء بحجة أن هذا جهاد. هذا ليس إلا هوسا بالقتل، هل فكر أحدهم وسأل نفسه كيف كان يوصي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسكان المدن التي يغزوها جيش المسلمين، كيف كان يعامل الكفار، هل قتل أسيرا، هل أباد قرية يسكنها كفار، هل برر قتل العزل؟

الجهاد الحقيقي لنشر الإسلام ليس بهذه الطريقة وحتى إن بررنا كون الجهاد جزءا من نظام الدولة الإسلامية، فإن الجهاد ليس غدرا بالآخرين. الجهاد الحقيقي أن يتقابل جيشان وعندهما كافة الاستعدادات للمواجهة، وكل منهما يدافع عن قيمه بشجاعة وجها لوجه. إنما أن تنشر قيمك وما تؤمن به عن طريق الغيلة وتفجير الآخرين والأشلاء وتجنيد الأبرياء للقيام بهذا فإنه ليس جهادا بل قتل حقيقي لأناس ليس لهم ذنب.

تصديقاً لقوله تعالى "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا".

نشر الإسلام تغير تبعا لمتغيرات العصر، حيث يمكن نشر الإسلام عن طريق كافة وسائل الاتصال والتقنية، ولسنا في زمن الحصان والسيف مطلقا. نشر الإسلام عن طريق الأشلاء وقطع الرؤوس وتفجير البشر ليس إلا بدعة المارقين من الإسلام، والإسلام منهم بريء. الإسلام من السلام والمسالمة وحفظ الأنفس وحرمة البشر والحياة.