بندر بن عبدالله بن محمد


هناك من يعتقد أن الأفعال تعكس ما في الأنفس، وهذا صحيح إلى حد ما، فإذا تماشت الأفعال مع العقل الباطن يصبح انعكاس النفس صحيحاً، ولكن ماذا لو تصاحب هذا الفعل بالتبطين؟

مر على سلام وأصحابه وقت عصيب سببه سقوط مدينة القصيرالسورية في يد حزب الله وجيش الأسد، وأصبح حديث الأصدقاء لا يخلو من التطرق لهذا الاحتلال الغاشم.

في اليوم الحادي عشر من شهر يونيه أي بعد خمسة أيام من الاحتلال، ذهب سلام لأصحابه المجتمعين في بيت أحدهم، قال أحدهم "لم أتوقع أن أرى هذه النكبة التي أصابت العرب بسقوط القصير!" قال آخر "هل سيأتي علينا أسوأ من هذه الأيام؟" قال سلام "أشارككم الشعور، وأُريدكم مشاركتي في ما سأقول. لنرجع إلى التاريخ، لن تجد هناك نور هداية قبل ظلام الكفر، حتى تكوين الأرض بجمالها هذا، لم يأت إلا بعد الزلازل والبراكين وإحاطتها بالغازات السامة، ربما نحن نمر بمرحلة مبشرة لمستقبل طيب! لننظر إلى الماضي القريب وتحديداً في الثمانينات من القرن الماضي، عندما أتى الخميني متغلفاً بمسمى قائد الثورة الإسلامية وما تبع ذلك من أحداث متأثرة به مثل جريمة جهيمان، وكيف أن الخميني استحدث فكرة ولاية الفقيه التي أحدثت تصدعاً في المرجعيات الشيعية، والتي غيرت المرجعية الكبرى من النجف إلى قُم، لنتذكر كيف نشأ حزب الله تحت أكناف حركة أمل اللبنانية، وكيف انقلب عليها وأصبح الذراع العسكري المؤدلج بولاية الفقيه الخمينية، لنتذكر كيف خطف حزب الله مسمى المقاومة اللبنانية من المقاومة الحقيقية، ولنتذكر كيف أن السواد الأعظم في العالم العربي صدق كذبة حزب الله وأخذ يصفق له، لنتذكر كيف فتح الأسد طريقاً معبداً لإيران بواسطة طعنته في قلب العرب وصدقنا مقولة أنه يقود تحرير فلسطين مع عدم ذكر الجولان المحتل، في اعتقادي أن الماضي كان أسوأ بكثير من حاضرنا هذا....."، قاطعه أحد أصدقائه بقوله "سلام ماذا تقول؟! ألا تسمع وترى ما يحصل في سورية ولبنان و ..."، قاطعه سلام "صبرك علي يا أخي، لنتناول الشاي أولاً".

بعد بضع ثوان قال سلام "لقد ذكرت ما ذكرت لأذكركم بالأحلام والمعتقدات الباطلة التي كنا عليها، والآن سأنتقل إلى الحاضر، لقد انكشفت إيران على حقيقتها وسقط قناعها وظهر وجهها الطائفي القبيح، انقلب توهج حزب الله اللبناني إلى ظلمة برائحة كريهة، تبين ظلام فكرة الولي الفقيه للطائفة الشيعية قبل السنية، انكشف الأسد وزمرته بخيانته الكبرى لشعبه قبل العالم العربي؛ أي أننا استيقظنا من سباتنا الخطِر وهذا بحد ذاته نقلة نوعية في الاتجاه الصحيح، المؤلم في ذلك هو الثمن الباهظ لسباتنا والذي يتمحور بالثورة السورية"، قال آخر "لنتذكر كذلك كيف امتدح الشيخ القرضاوي علماء الدين في السعودية، وأقر بأنهم كانوا أعلم منه بتقييمهم لحزب الله"، قال سلام "دعونا لا نتسرع بالحكم على الشيخ القرضاوي، أيعقل من هو في علمه ألا يعرف حقيقة حزب الله؟ ولماذا كل هذا التقرب لعلماء الدين السعوديين؟ ولماذا امتدحهم؟ أهو يعبد لمخطط في باله؟ هل محور تخطيطه إحراج السعودية باستفرادهم على كل الدول العربية والإسلامية؟ أين دور بقية الدول من الشيخ القرضاوي؟ هذه تساؤلات يجب ألا تغيب عن عقولنا، ويجب معرفة أسبابها، هل هو الباطن أم هو تبطين؟"

صمت الأصحاب وهم يقولون (هل ياترى قُدر علينا الاستمرار في التآمر؟)