عايشنا في الأسبوع الماضي حادثتين صادمتين تم تداولهما في مواقع التواصل الاجتماعي، وهما تظهران مدى العنف الذي يمارسه البعض ضد العمالة الوافدة.

الأولى؛ هي مقطع فيديو لشباب يقومون بضرب عامل محطة وقود، والثانية؛ هي مقطع فيديو يوضّح اعتداء شاب سعودي على عامل نظافة بطريقة وحشية.

المقطعان أثارا حفيظة الكثيرين، الذين نددوا بما فعله هؤلاء الشباب وطالبوا بتطبيق العدالة عليهم وإعادة كرامة ذلك العامل الذي غادر بلاده بحثا عن لقمة العيش.

من الخطورة بمكان أن يقوم المواطن بالقبض والتحقيق وتنفيذ العقوبة دون أن يتم ردعه بأقسى العقوبات نتيجة خرقه للقوانين المحلية، التي تنص على عدم جواز تعرض أحد للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية، وهي ذات الاتفاقية الدولية التي صادقت عليها المملكة عام 1997.

ويحق لنا أن نسأل عمن يتصدى لمهمة ضبط ميزان الحقوق والواجبات أمام هذه العمالة الأجنبية التي لا تتمكن من إيصال شكواها وأخذ حقوقها نتيجة خوفها من أن الشكوى سيكون لها مردود سلبي على حياتها، إذ سيكون مصيرها أن يقوم رب العمل بعمل تأشيرة خروج نهائي.

إنني أتساءل: ما الجهات المعنية التي تحفظ حقوق العمالة الأجنبية وتذكرها بواجباتها؟ حقيقة أقولها بكل صراحة: إن المشكلة الرئيسة في تعاملنا مع العمالة الوافدة هي عدم وجود مؤسسة أو جمعية حقوقية مستقلة ومتخصصة تحفظ لهذه العمالة حقوقها، تستقبل فيها الشكاوى، وترصد سلوك وتصرفات بعض من لم يحترموا حقوق هذه العمالة، وتقدم فيها الأنشطة والبرامج التي تذلل العقبات والصعوبات التي قد تواجهها خلال إقامتها في المملكة، ولذا ينبغي إعادة النظر سريعا وفتح ملف المؤسسات والجمعيات الأهلية مجددا، خاصة وأنه يقبع في الأرشيف منذ 6 سنوات تقريبا بعدما أقره مجلس الشورى في ديسمبر 2007.

ولكن السؤال الرئيس: ما السبب في ظهور مثل هذه السلوكيات المشينة التي تصدر من بعض الأفراد في مجتمعاتنا تجاه العمالة الأجنبية؟

الدراسات الحقوقية تؤكد بأن الناس الذين يختلف لونهم أو مظهرهم الخارجي أو لباسهم أو لهجتهم أو دينهم عن تلك التي لدى الغالبية في البلد المضيف، غالبا ما يمارس في حقهم التمييز العنصري من العنف الجسدي وغيره، ولذلك كان من المهم طرح ورقة عمل خاصة عن العنصرية ضد العمالة الأجنبية في مجتمعاتنا في اللقاء الأخير للحوار الوطني المقام في الرياض، الذي كان بعنوان "التصنيفات الفكرية وأثرها على الخطاب الثقافي السعودي"، إذ إن مظاهر العنصرية نلاحظها بشكل أساسي في غلبة النظرة الدونية والاستعلاء وعدم الاحترام تجاه تلك العمالة،? ?كما نلمس بعض الاتجاهات السلبية كروح الازدراء والاضطهاد التي ?توصل البعض منا لممارسة القهر والظلم ضد الوافد الأجنبي?.

?لقد تحول سوء تعامل البعض في ?مجتمعاتنا مع العمالة الأجنبية الوافدة إلى نظرة فوقية متعالية عامة، تشمل الشعوب التي ?تمثلها تلك العمالة من دون تقدير أو إدراك لما تمثله مجتمعاتها في ?المنجز الحضاري والتاريخي ?العريق،? ?وقد دخلت تلك النظرة المتعالية في ?أساليب تربيتنا لأبنائنا ونظم التنشئة الاجتماعية في ?مجتمعاتنا،? ?ثم نأتي ?بعد ذلك ونشتكي ?من هروب العمال من منشآتنا وبيوتنا?.?