حادثتا مجمع الظهران ورنية هي بالفعل فجيعة في بعض شبابنا. والحمد لله أن شبابنا ليسوا جميعهم بهذه الصورة المقيتة الباهتة المشوهة لهذا البلد الكريم المفاخر بمثله ومبادئه وبأخلاق مواطنيه وبعاداته وتقاليده المنبثقة من عقيدته. الحمد لله أن هؤلاء الشباب الجانحين لا يمثلونه بأي شكل من الأشكال. والحمد لله أنهم في أيد أمينة ستجعلهم عبرة لمن يعتبر.

صحيح أن هؤلاء الشباب لا يمثلون مجتمعهم الطاهر النقي، وأنهم سيأخذون عقابهم، وأنه سيتم الإعلان على الملأ العقوبات التي سينالونها؛ لكن ما يجب أن يكون صحيحاً هو أن تُدرس حالة هؤلاء وأمثالهم لنعرف الجواب على السؤال الكبير، والكبير جداً، وهو: لماذا لم تؤثر 33% وهي النسبة التي تشكلها الدراسات الإسلامية في التعليم العام على سلوك هؤلاء الشباب وأمثالهم؟ هذه النسبة الكبيرة جداً، والتي تختص بها مناهجنا من بين مناهج كل العالم بما في ذلك العالم الإسلامي؛ تعلم المثل والقيم والمبادىء والأخلاق التي تعتمد على عقيدتنا الإسلامية والتي يفترض أن تجعل من سلوك شبابنا مضرب المثل في العالم أجمع.. لماذا لم تخلق هذه النسبة الكبيرة في مناهجنا فكراً سوياً وسلوكاً مستقيماً وغيرة إسلامية وطنية على بنات وطنهم!! ولم تردعهم من العمل المخجل في وضح النهار -أمام الله وخلقه- والمتمثل في التصرفات الرعناء والسلوك الساقط؟! لماذا لم تشعر تلك النسبة الكبيرة من المواد الإسلامية في مناهجنا بناتنا بالأمن؟ وبأن كل من حولهم هم إخوة لهم يغيرون عليهم ويحفظون كرامتهم ويغضون طرفهم.. لماذا كان هذا النوع من الشباب الساقط مصدر ذعر وخطر في مجتمعنا؟ والهدف الذي ليس من الوصول إليه بد؛ هو كيف نحول سلوك هؤلاء وأمثالهم إلى سلوك يتناسب مع هذه البلاد وخصوصيتها وسمعتها؟ صحيح أن إيقاع العقوبة مهم.. ومهم جداً، لكنه ليس الهدف الأخير.. هذا علاج.. والعلاج مهم، لكن الأهم منه هو الوقاية.

كمواطنين مخلصين لهذا البلد ولترابه ومواطنيه وحريصين على ما ننعم به من أمن واستقرار؛ لن نسمح بألا يشعر كل من تطأ قدماه تراب هذا الوطن الطاهر بالأمن والأمان الذي اعتادوا عليه والذي سيستمر بإذن الله. هاتان الحادثتان، وإن كانتا نادرتين، وإن كانتا من شباب أعدادهم قليلة، وإن كانتا ممن لا يمثلون نقاء وصفاء وغيرة مجمل الشباب الذي يحب وطنه ويغير على أبنائه ويحفظ أمنه وكرامته؛ إلا أنه ينبغي أن يعرف القاصي والداني أن مثل هؤلاء الساقطين يجب أن ينالوا عقوبات صارمة. ويجب أن يعرف الجميع أننا جميعاً كمجتمع وحكومة ومواطنين، بما فينا شبابنا صاحب المثل والقيم العالية، نمقت هذه التصرفات ولا نقبلها، وأننا سنعمل كل ما في وسعنا لبترها بتراً يكفل عدم تكرارها، ويجب أن يعرف الجميع أن هذه الحثالة من الشباب لا يمثلون كامل شبابنا، مع اعترافنا الكامل بأن هناك مشكلة، ومشكلة كبيرة على مستوى تعليمنا الذي لم يؤثر بعمقه الإسلامي وضخامة مناهج التربية الإسلامية فيه على سلوك بعض شبابنا، وكذلك خطب الجمع التي يرتادها شبابنا منذ بلوغهم السن السابعة بمرافقة والديهم الذين يحرصون كل الحرص على مرافقتهم: كيف لم تؤثر كل تلك الساعات من الدراسة ومن خطب الجمعة ومن تربيتنا ونصحنا لأبنائنا على مدى حياتهم ومعيشتهم بيننا على غرس الغيرة والنخوة المستمدة من مثل وقيم عقيدتهم؟ لا بد من الإجابة على هذا السؤال إن كنا جادين في عدم الرغبة في تكرار مثل هذه الأحداث المؤسفة في بلادنا ومجتمعنا الطاهر النقي.. ثم إنني أسأل سؤالاً بريئاً: أين المواطنون المتواجدون في مكان الحادث؟ لماذا لم تتحرك فيهم النخوة؟ على الأقل لماذا لم يتصلوا بدوريات الشرطة ليعلم مثل هؤلاء الشباب أننا جميعاً في هذا البلد الكريم رجال أمن.. ولتشعر المسكينات اللاتي تعرضن لهذه الحادثة أن الجميع إخوة لهن يحرصون عليهن تماماً مثلما يحرصون على قريباتهم.

نحن جميعاً مسؤولون عن كل ما يحدث في مجتمعنا. الأمن له مساره، والتعليم يجب أن يكون له مساره في دراسة هذه الظاهرة بعمق، ومعرفة أسبابها ولماذا لم تؤثر نسبة 33% من التربية الإسلامية في مناهجنا على غرس المثل والقيم الإسلامية في نفوس شبابنا لتكون نتيجتها تاثيراً إيجابياً في سلوكهم؟ إذا لم نعرف السبب ونجد النتيجة فسيكون ذلك إخفاقا وأيما إخفاق في تعليمنا. فما حدث يندى له الجبين، ويجب ألا يتكرر. تكراره عبء على سمعة بلادنا وسمعتنا ولا يليق بهذا الوطن الكريم وطهره وصفاء عقيدته كمنبع للرسالة ومهبط للوحي وحاضن للحرمين الشريفين.