بادئ ذي بدء .. أود هنا أن أسجل اعتراضي على كثيرٍ مما ورد في شأن مسببات (الانهيار السابق) لـ"سوق الأسهم السعودية" كما يلوكها العامة!، كما أود أن أوضح أنه ليس من العدل أن نوصم ـ دوماً ـ ما نمر به كـ(عرب) هو انتكاسة دونما اعتراف بالهزيمة حتى وإن بانت جلية بدواخلنا قبل مظاهرنا. فالسوق ـ كما هي أسواق العالم وبالشواهد ـ يمر بتقلباتٍ وارتفاعات كما هي الانهيارات، ومع اختلاف آلية العمل بذاك وتلك ووفق خصوصية كل بلدٍ على حدة ووفق معطياتٍ معينة يصعب شرحها الآن ـ على الأقل ـ غير أن مؤداها واحد حتى وإن بلغت من القسوة ما بلغه سوقنا والذي شهد ارتفاعات غير مسبوقة أيضاً ـ إبان 2002ـ وحتى تباشير فبراير 2006 والتي لم تبن على أساسٍ متين..!! فكيف لنا أن نناقش سلبياتٍ حدثت لسوقٍ كان في ارتفاع ـ أيضاً ـ وبلا مبرراتٍ وفي أشباه شركات! فنحن نعلم جميعا بأنه ومهما أصابنا من خسائر (حدثت وتحدث الآن بالفعل) كانت بسبب "تجارة"، بل وتجارة تقع في تصنيفها تحت بند "عالية المخاطر"، ولعلنا نلوم أنفسنا إن كان ثمة لوم، فكنا نسير بلا إستراتيجية ولا فهم كامل سوى أنه "سوق أرباح" (حتى وإن بدأت هيئة السوق المالية في ممارسة أعمالها اعتباراً من 2005)، وحقٌ مشروعٌ ومكفول لكل - مواطنٍ آنذاك - الدخول فيه والاستمتاع بخيراته .. نعم، لقد اكتوى الكثير بنيران خسائرٍ لم يتعودها، بل وأضحى الآن من "مدمني الخسائر" ولكن آلية التعامل الفردي (كما هي آلية السوق) بهشاشتها كانت السبب صعوداً وانتكاسا! فمقومات نجاح السوق لم تتوافر في وقت "الذروة والانتشاء"، كما أن مقومات "التعامل الصحيح والمنطقي" لم تتوافر بنا نحن، وكان الأولى استقراء الأمور حتى فيما لحق من بعد انهيار "فبراير"..! فكيف بنا وقد أصبحنا بدعاءٍ على فلان، بيد أننا أصبحنا في دعاءٍ له! وأنى لنا ونحن نربح وبسعادة أن تتعالى أصواتنا الغاضبة حال الخسارة..! فمن العدل هنا أن نسائل أنفسنا (وإن تأخر كثيراً طرح السؤال) أين كنا آنذاك؟ وهل سرقت عقولنا حين الزعم بـ"الطفرة"؟ فهل من بالغ آنذاك وأوصلنا قمم الجبال هو من أزم .. الآن وأودى بنا للتهلكة! أم كان ووجب علينا طرح "فرضية المؤامرة" لإقناع الذات والاستتار خلف شأنٍ قد لا يكون سوى من "بنات الفكر" وعصي.. "اليائس"!
نعم .. كان هنالك تخاذل، وكان هنالك "هشاشة" وكان هنالك "سكوتٌ" على أخطاء أدت بمساكين وأزهقت أموال من لا يستحق كل ذلك، ولكنها عين الرضا والتي استحالت "سخطاً" وتقريع ذات..! إذاً فاللوم ليس على جهة وإن أخطأت، وليس على فردٍ وإن أخفق.. فنحن ومع إيماننا بقضائنا وجب ألا نرمي بأخطاءٍ وقعت على مرآنا تجاه شأنٍ قد لا يخدم بقدر نفعه.
نحن أحوج ما نكون إلى ائتلاف القلوب، والتفاف العقول، وسوق الاقتراحات البناءة التي من شأنها البناء لا هدم جسور التواد، والبعد عن " التشكيك" ونبذ "التآمر" ونظرياته بما أوتينا ووفق لحمة التآخي والتحاب للوقوف في وجه كل من أراد بنا شراً في ديننا وهو الأولى ونحن ـ ومع مقدم رئيس هيئة السوق المالية الجديد ـ وجب ألا تتكرر عثراتنا، ووجب علينا تلافي أخطاء وقعت وأتت على مدخرات الكثير منا.