ما إن تخرج عن محافظة العيص في منطقة المدينة المنورة وتتجه للقرى المجاورة لها يلفت انتباهك سكان البادية، الذين يعيشون في بيوت الشعر القديمة والخيام المتناثرة بين أحضان الجبال والوديان، والسبيل الوحيد إليها الطرق الصحراوية الوعرة لتتعجب من البساطة التي لا يزال يتمسك بها الكثير من سكان القرى رغم التطور في جميع جوانب الحياة.
ومع حرارة قيظ المدينة الذي تخطى 50 درجة غير أن تلك الخيام وبيوت الشعر لا تزال تقوم بدورها على أكمل وجهة وتلقى استحسان ساكنيها من أبناء القرى والبدو الرحل، إذ جالت "الوطن" وعاشت يوما بحياة البدو الرحل.
يقول المواطن ظاهر الجهني: "السكن في هذه البيوت المتواضعة التي تصنع من جلود الأغنام وأصوافها يجدون فيه الملاذ عن حرارة الأجواء المرتفعة، والعيش في بيوت الشعر والخيام الخالية من الكهرباء يجعلنا نستطيع نقاوم الحياة بكل صعوبتها، إذ نعتمد على وسائل بدائية في معظم حياتنا، فالحطب والفحم هي وسيلتنا في صناعة الغذاء".
وأوضح الجهني أن المأكولات الجاهزة لا يعرفونها إلا وقت الإجازات عندما يتوافد عدد من أقاربهم لزيارتهم حاملين معهم بعض المعلبات من الحلويات والمواد الغذائية من المدن، قائلا إنه لم يتناولها قط لاعتياده على الحياة البدائية التي لا توجد فيها مثل هذه المعلبات.
أما سلامة العطوي يقول إن مهنة رعي المواشي توارثوها عن أجدادهم وما زالوا متمسكين بها وهي من تجبرهم على الحياة البدائية المتنقلة عبر العيش في الخيام وبيوت الشعر، رغم تغير ظروف الحياة، مؤكدا أن بيوت الشعر يعتبرها جزءا لا يتجزأ من حياته اليومية التي اعتاد عليها منذ طفولته.
واستطرد قائلا إن الكثير من جيرانه تركوا العيش في حياة الخيام وانتقلوا للعيش في المدينة، والقرى المجاورة، متمنيا أن يتمسك الأهالي بحياة آبائهم وأجدادهم، فرعي المواشي وبيوت الشعر والخيام لم تحرم أبناءنا وبناتنا من طلب العلم والالتحاق بالمدارس وإكمال دراستهم بالجامعات.
وذكر المواطن فهد العنمي أن البدو الرحل في محافظة العيص أصبحوا يقلون يوما بعد يوم، ولكن ما زالت بعض العائلات متمسكة بالحياة البدوية التي من خلالها يرحلون من أجل البحث عن الربيع موضحا أنه يفضل حياة البادية أكثر من حياة المدن، مبررا ذلك بالبساطة التي ميزت أهالي البادية عن غيرهم.