المطلوب البدهي من الإخوة الكرام أعضاء مجلس الشورى ألا يتصرفوا مع النقد والكتابة مثل الوزراء وأصحاب المعالي والسعادة. صاحب المعالي والسعادة موظف رسمي لدى الجهاز الحكومي بينما يقتضي العرف البرلماني أن يكون عضو المجلس مندوباً للشعب وموظفاً عمومياً لديه. طبيعة الوظيفة البرلمانية تتطلب انحيازاً للعامة والقاعدة، وطبيعة الوظيفة السيادية التنفيذية أن ينحاز صاحبها إلى القرار الحكومي. وحين كتب الصديق الأثير، صالح الشيحي اقتراحه بتحويل قاعة مجلس الشورى إلى صالة أفراح لأن المجلس الموقر رفض توصية برفع مخصصات التقاعد، رد عليه البعض بأن التوصية (قد فهمت خطأ)، فأين يكمن السبب في هذا الالتباس وفي هذا الفهم الخاطئ؟ يكمن (فهمنا الخطأ) لما يدور تحت قبة الشورى في عدة أسباب: الأول، أن المجلس الموقر لم يستطع عبر خمسة عشر عاماً من التجربة أن يصل إلى الجمهور بالرسالة الصحيحة عن طبيعة القرارات وصلب أي توصية، وما صالح الشيحي إلا ناقل لما فهمه كل الشعب عن هذه التوصية بالذات.
الثاني، أن الإخوة الأعضاء ومعهم طبيعة تركيب المجلس، تنظر إلى الملفات والمداولات التي تدرسها ذات نظرة (الملالي) إلى معامل (بنوشهر) النووي: كل شيء لدى الأعضاء سر مقدس، لأنهم، وباعتقادي الشخصي، قد خلطوا بين الأسرار الوطنية التي عاهدوا عليها ثم أقسموا، وبين الملفات والتوصيات العمومية التي لا يوجد فيها (عشر) سر مقدس.
الثالث: لأن المجلس - وفي العرف العام- يكافئ ويجدد لدورة جديدة كل من يسكت ويطبطب وينزوي عن الحديث والإعلام، وهو اعتقاد شعبي نرجو ألا يكون صحيحاً، ونرجو أن تكون العامة والقاعدة مخطئة في هذا التصور، ولكن كما قلت سابقاً: رسالة المجلس إلينا مقطوعة. وسأتطوع اليوم بلا استئذان، للاعتذار الشديد من مجلسنا الموقر، باسم أخي صالح الشيحي وباسم معشر الكتاب مردداً تلك الجملة الشهيرة: أخيراً فهمناكم... فنحن معكم مثل من يبحث عن عصفور في منتصف مساء الليلة الأخيرة من الشهر الهجري. نحن نعتذر حتى لا يضطر المجلس أن يقول لنا: أخيراً فهمتكم...!!