م. عايض الميلبي


إن الاهتمام بجانب الجودة هو الضامن الحقيقي لتنفيذ العمل على الوجه الصحيح، وبغيابها يكمن الخلل والعشوائية والقصور. وهذا مبدأ أصيل في منهجنا الحنيف فقد أشار إلى ذلك رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بقوله: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" هكذا جعل الإسلام خاصية الإتقان عنصرا ملازما لكل عمل سواء كان دينيا أم دنيويا.

الحقيقة أننا في هذا الوقت بحاجة ماسة إلى الاعتناء بنشر ثقافة إتقان العمل، وتسليط الأضواء على هذا الشأن إعلاميا، كون بلادنا تمر بمرحلة تنموية شاملة. فثمة طرق وجسور، ومبان ومنشآت مختلفة، إضافة إلى مشاريع الري والصرف الصحي وتحلية المياه وغيرها الكثير من المشاريع التي تدور رحاها في مختلف أرجاء الوطن، ومما لا امتراء فيه أن هذا البناء والإنشاء الجديد لن يستقيم، ولن يكتمل بالشكل الصحيح إذا لم تكن هناك مراقبة جادة ودقيقة لجودة العمل بكل مراحله وخطواته.

حتما، سيكون المشروع أو العمل الذي لا يعتمد معايير الجودة العالمية ناقصا، وغير مكتمل الشروط التي تجعله سليما وخاليا من العيوب، وحتى إن بدا على ما يرام من حيث مظهره الخارجي، فذلك لا يبرهن عن مدى جودته، حيث إن الأيام والظروف هي الكفيلة بكشف عورة المشاريع التي يخالطها شيء من الفساد، والإهمال والتراخي.

سنويا يتم استقطاع نصيب وافر لصالح المشاريع الخدمية والتنموية المتنوعة في شتى المدن والمحافظات، إلا أنه في ظل إهمال ضوابط الجودة المعتبرة من قبل الكثير من المؤسسات والشركات المنفذة للمشاريع تصبح ملايين الريالات في غير موضعها السليم، إذ لا يستفيد المواطن الاستفادة الحقيقية من أي عمل أو منشأة أو مشروع رديء، ثم إن العمر الافتراضي لأي عمل غير متقن محدود جدا، وزد على ذلك احتياجه للصيانة والترميم بشكل مستمر، مما يترتب عليه استنزاف مزيد من الأموال.