لم أتمكن من استكمال المشهد الذي تم تناوله في الأيام الماضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي لمجموعة من الجزارين وهم يعبثون بسكاكينهم بعدد كبير من الماشية في أحد المسالخ أول أيام عيد الأضحى الفائت، وأقسم بالله العظيم إنني فعلا لم أتمكن من استكمال ذلك المشهد لفداحة المحتوى وبشاعة التصرف وإن كان المفعول به حيوانا.

لم يتسن لي التأكد من مكان الحادثة ولا يهمني ذلك حتى لو افترضت أن مقطع الفيديو ملتقط في غير المكان الذي قيل عنه، فأنا أورد ما شاهدت لا لأعلق عليه تحديدا بل لأعلق على الأسباب التي أدت –وتؤدي- بين فترة وأخرى لظهور مثل هذه التصرفات الهمجية، ومن المؤكد أن ما خفي أعظم بكثير كون الكاميرا لا يمكن لها أن تلتقط كل ما يحدث من تجاوزات وفوضى واستهتار بالبشر قبل الحيوان، إذ يحفظ لنا الأرشيف الإعلامي عشرات القصص والحوادث التي تكشفت وظهرت للرأي العام وكان فيها ما فيها من أفعال مشينة ومزعجة قام بها سعوديون ومقيمون، والمؤلم أن أكثر تلك الأفعال المشينة ترتكب في الغالب بحق من لا يتمكنون من الدفاع عن أنفسهم، فهم إما معاقون أو مرضى نفسانيون أو أطفال!

في ظني أن من أبرز أسباب جرأة هؤلاء البشر على فعل التجاوزات والاستهتار هو غياب الرقابة، ومتى ما غابت الرقابة فذاك يعني غياب المسؤول المناسب، ولهذا ليس من الإنصاف وليس من الحل أنه كلما برزت مشكلة أو فضيحة من هذا النمط يظهر للرأي العام المسؤول الإعلامي في الجهة المتورطة بمثل تلك الممارسات والسلوكيات ليعلن أنه تم تشكيل لجنة للتحقيق في الموضوع ومعرفة الملابسات، فهذا إجراء مللنا منه، خاصة وأن تلك اللجنة تغيب وتغيب نتائج اجتماعاتها وتحقيقاتها بعد 24 ساعة من تصريح ذلك المسؤول، والشواهد كثيرة على عدم جدية ونجاعة مثل هذا الإجراء، فالصحيح إن كانت هناك جدية ورغبة في القضاء على هذه التجاوزات وهذه الفضائح، هو عزل المسؤول المباشر عن تلك الجهات التي وقعت فيها تلك الممارسات، فالرقابة كما أسلفت عندما تغيب تعني غياب المسؤول المناسب والكفء ولهذا لا يكفي معاقبة ممارسي تلك الأخطاء والتجاوزات، بل لا بد من علاج المسألة من جذورها وعندئذ سيكون كل مسؤول عن كل قطاع معنيا بمتابعة ما يدور في إدارته أو قطاعه، وسيعمل على تقنين الجانب الرقابي بما يضمن عدم وقوع التجاوزات، وبالتالي بما يضمن عدم فقدانه لمنصبه وفي ظني هذا هو الأهم، وهذا ما سيحفزه على العمل والمتابعة في ظل عدم أخذنا وممارستنا لمنهج تحويل المسؤولين للمحاكمة.