ظاهرة ليست اكتشافا، فتفشي العنف الأسري والطلاق، أو ثنائيات الأبوة والأمومة بين الهوس والإهمال، عوامل تجعل بيننا آباء ينكرون نعمة الأسرة، ويتنكرون للحقوق والواجبات، فضلا عن أهم ما يحتاجه الإنسان ليستشعر الأمان بغرس حب الوطن في قلبه، حتى لا يكبر ممزقا لا يدرك قيمة النعم من أمن وأمان وحياة كريمة.. بيننا من يراهنون بأكاذيبهم وسمومهم ومواقفهم المكشوفة على زعزعتها في الوجدان قبل العالم الوهمي الافتراضي.. ويعتبرون أن سهولة انهيار أوطان الآخرين بسبب المرتزقة والمنتفعين أمر وارد في أي مكان يروجون لهدمه، يقيسون على حدوث الفتن في دول الجوار ويأملون أن تقع في بلادنا، لأنهم تجار فتن وأحيانا زبانيتها ورعاتها الحصريون.
في وقت عصيب تمر به منطقتنا، الأب المهمل الذي لا يكرس حب الوطن في وجدان أبنائه يترك فراغا لأشواك الكراهية، وسيحتله فكر الآخر بأي شكل من الأشكال مهما كان ملوثا وخبيثا، فما بالنا بالفئة التي أتناولها اليوم وانطلقت في رصد الظاهرة مع بداية المطالبة بإطلاق محكومين في قضايا إرهاب، أو متهمين وتتشابك قضاياهم مع حزمة قضايا تجعلهم تحت طائلة القانون، ولحماية المجتمع من فكرهم المتطرف وشهوتهم للقتل وتأييد قتل رجال الأمن خاصة، يتم التحفظ عليهم بسجنهم!
متابعتي لهذه الظاهرة قادتني لظاهرة لا تقل خطورة، وترصد آباء عاديين ليس لهم علاقة بهذه الفئة المتبنية للفكر الإرهابي، من أتحدث عنهم لا يشملهم هذا التصنيف.. ويسكن بعضهم الفلل ولديهم أفضل الوظائف، وقد يكونون رجال أعمال، لولا هذا الوطن ما تضخمت أرصدتهم وقد يكون أبسط هؤلاء الآباء مهما بلغت بساطته، أفضل من ملايين العرب والمسلمين، في الدول المنكوبة، ومع ذلك يقدحون في أدق تفاصيل الوطن وجهود الحكومات المتعاقبة من وزراء ورجال يخدمون في قطاعات الدولة، قد يحسنون ويسيئون، وتتباين قدراتهم.. ما علاقة الوطن حتى يربطونه بالأداء الحكومي.. وهذا جانب.. أما الحجج الأخرى لتكريه الأبناء في وطنهم فمرتبطة بقضايا وتفاصيل مهما كانت فظاعتها فلا يوجد مبرر لها.. فالجميع زائلون، الفاسد ومن نختلف أو نتفق معه، ويبقى الوطن.
لا ينبغي تركهم يسقون أبناءهم كراهية الوطن لشعورهم المريض بالعدمية، نترقب مواجهتهم بحزمة إجراءات رادعة لهم ودراسة دقيقة للظاهرة، وتحديث لبنود قانون مكافحة الإيذاء بحيث يشملهم ويواكب المرحلة، فهذه الفئة من الآباء لو تركت ترتع في منازلنا بفكرها المعتل، فالتكلفة مهولة.. نحذر من ظاهرة تولد على يد هؤلاء الآباء تقدم لنا أبناء يعيشون بيننا وهم يعتقدون أنهم.. بلا وطن.