أمر غير مثمر أن نستعين بالخبرات من بيئات مختلفة أو ظروف مختلفة.. تجرّب وتجرّب والعمر يمضي والموازنات تنفد.. بينما أقدر الناس على تشخيص الحالة هم الموجودون في غرفة العمليات ذاتها!
كثير من المسؤولين عن التعليم في السعودية ليست لهم أي خبرات حقيقية من الميدان.. بل إن بعضهم لم يقدم حصة دراسية واحدة طيلة حياته العملية.. ثم يتبوأ مقعداً ليشخص حالة التعليم ويرسم الخطط، ويناقشها، ويقرر، ويقدر اللازم وغير اللازم!
التجارب الصادقة والدقيقة يجب أخذها من البيئة ذاتها، من التربويين الذين أفنوا أعمارهم كلها في الميدان؛ هم وحدهم القادرون على تشخيص حالة التعليم ومشكلاته.. هناك تجارب وآراء جديرة بالاهتمام.. يقول أحدهم: كنت أسعى جاهداً طيلة السنوات الماضية إلى لي عنق المنهج بكل ما أوتيت من قوة.. لا ليصبح قنبلة.. أو كتلة من الكآبة - كما هو حاله - بل ليصبح قصة.. طرفة.. مسابقة.. كنت أدرك شيئاً واحداً وهو أن البشر قدرات.. كنت أدرك أن البشر فروق فردية.. كنت متيقناً من أنني لست الذي سيصنع عبقرياً.. الطالب غير المتفوق لا يمكن أن يتحول إلى متفوق لو كان جده سقراط وأبوه إفلاطون وأخوه أرسطو!
يقول: كنت أسعى لأن يفهم كل طالب ما يستطيع.. وكنت في آنٍ ما أحاول قدر استطاعتي أن أرسم البسمة على وجوه أولئك الطلاب.. كنت أدرك حقيقة واحدة وهي أن المرح قبل التعليم أمر مطلوب.. هذه ومضة عابرة لشخص تربوي خرج من الميدان، وهناك الآلاف غيره خرجوا إلى منازلهم، دون أن تسألهم الوزارة العتيدة عن خلاصة تجربتهم.. أو حتى تستمع لآرائهم!