"كبير الخدم"، هو عنوان فيلم جديد صدر أخيرا، ويعرض في دور السينما العالمية، وهو فيلم يحكي قصة صراع أجيال أبناء البشرة السوداء في أميركا وملحمة التحول من مجتمع خانع قبل الذل والهوان الذي فرضه عليه الرجل الأبيض، إلى طبقة اجتماعية أصبح أحد أبنائها حاكما للأبيض والأسود، ففي جانب تظهر شخصية الأب الذي تشرب الذل صغيرا وقنع بأن العمل كخادم في البيت الأبيض هو أقصى طموح، في حين نجد في الجانب الآخر ابنه الذي رفض واقعه المحدود، وحلم بأن يكون متساويا في إنسانيته مع باقي أبناء وطنه.
من يتابع قصة الصراع الطبقي والإنساني للأميركان من أصول أفريقية يعلم كم كان صراعهم مريرا مع منظمة "كو كلوكس كلان" والمعروفة اختصارا بـ"كي كي كي"، وهي منظمة أميركية تؤمن بتفوق الإنسان الأبيض ومعاداة السامية، وهي جماعة عملت لعقود على استخدام العنف والإرهاب وممارسة تعذيب خصومها بالحرق، وهي الوسيلة التي طبقوها بسادية على الأميركيين من أصول أفريقية، حيث كان من أهم أهدافهم ومهامهم منذ تأسيسهم عام 1866م معارضة تحرير العبيد في أميركا، إلى جانب معارضة هذه المنظمة لجميع القوانين المتعلقة بالحقوق المدنية، وإنهاء العنصرية بكافة أشكالها العرقية والدينية.
يشتهر أعضاء هذه المنظمة العنصرية بملابسهم التي يرتدونها في طقوسهم المريضة والتي تعتمد على إخفاء هويتهم من خلال لبس أقنعة بعباءات تغطي أجسامهم بالإضافة إلى اعتمادهم بشكل كبير على التمثيل الدرامي بهدف زرع الخوف وإرهاب الخصوم.
الأب الخادم عاش معظم حياته مؤمنا بأن المشي بجانب الحائط هو أسلم طريقة لحياة كريمة، ولم يقتنع إلا في كهولته بأن الصراع الذي حاول ابنه المتهور أن يقنعه بأنه يستحق كان السبب في تحرره هو وأبناء جلدته من هيمنة مجتمع تقمص كل أعضائه عقلية الـ"كي كي كي" دون أن يعلموا، إما بقبولهم الظلم أو بعدم اعتراضهم عليه أو بسبب قناعتهم بأن المشي بجانب الحائط أفضل.
و في مجتمعنا يوجد، لدينا "كي كي كي" يلبس ثوب الأعراف والتقاليد، يعمل على حرق كل من يأمل في غد أفضل للوطن وأبنائه، فيرهب مخالفه بسائر وسائل الترهيب بهدف تحقيق أمر واحد وهو عدم التقدم، متناسيا حق الأفراد بالتمتع بالوطن الذي هو للجميع وتحت لواء الدين الذي هو الدافع الأول للتقدم لا المعيق له.