الأعمال التاريخية مملة ومصطنعة ومتكلفة، لغة وأزياء وديكوراً ولحىً وعمائمَ.. لا عمل تاريخياً بلا لحى وعمائم، لكن صورة أقرب إلى الهزلية تشكّلت بسبب أعمال مصرية قديمة كانت تمزج اللهجة المحلية بالفصحى في الستينات.. خلطة مضحكة فيها من التهريج، والشخصيات التي تمثل كفار قريش؛ كانت حواجبهم أعرض وأصواتهم جهورية وبِناهم أضخم، كانوا قساة وهزليين في آن واحد، لا يتحركون إلا مع الجواري والعبيد.

حكمت فكرة المحكات التاريخية للدين الإسلامي وصراعاته المفصلية غالب أعمال المصريين في الستينات ولا يلامون، كانوا يعيشون ظروفاً سياسية صعبة، فحاولوا توظيف الفن في معركتهم، استورد اللبنانيون فكرة الأعمال التاريخية مؤزَّرين بميزتهم في إتقان اللغة العربية، إضافة إلى مزاياهم الأخرى طبعاً، فأنتجوا أعمالاً غالباً ما كانت حول شخصيات تاريخية أدبية أو فكرية، فيها من فن السيرة شيء كثير، أعمال من نوعية "أبو دلامة" و"أشعب"، نجمها الأول كان رشيد علامة، لم يحاول اللبنانيون ـ كعادتهم ـ الاصطدام بالثوابت والنقاشات الجدلية، "اشتروا دماغهم مبكراً" فـ"مشُّوها" وتعاملوا مع الأمر على أنه "بيزنس"، كانت أعمالاً درامية فقط لم يتورطوا بالدخول في إنتاجات سينمائية حتى مع إنتاج ليبيا فيلم "عمر المختار"، والعراق فيلم "القادسية" مطلع الثمانينات.. لكن عمل "ليلة سقوط غرناطة" صعد بالدراما التاريخية إلى مستويات محترمة من المتابعة، بعد هذا العمل تلمّس السوريون والأردنيون الدرب نهاية الثمانينات مع مسلسل "البركان"، فيما ظل المصريون محصورين في الاشتغال على سير الخلفاء والأئمة، وأهم من لعب تلك الأدوار نور الشريف ومحمود ياسين، لكنهم أبقوا على اللحى الاصطناعية والجلابيب الفضفاضة صورة أقرب إلى الكمال، وعلى رغم ذلك احتفظوا بلهجتهم وسط اللغة الأم، وهذه ميزة مصرية طبعاً، مع مزاياهم الكثر في الأعمال التاريخية التي تزداد كل يوم مللاً.