يواصل الأديب الراحل عبدالعزيز الرفاعي، حديثه عن الحج وأثره في الأدب العربي، من خلال محاضرته، التي ألقاها قبل أربعين عاماً بمؤتمر الأدباء السعوديين، الذي انعقد في مكة المكرمة برئاسة وزير المعارف آنذاك حسن عبدالله آل الشيخ -رحمه الله- متحدثاً عن الأدب النثري منذ العهد الجاهلي حتى العصر الحاضر، سواء ما كان يلقى في سوق عكاظ من خطب نثرية، كخطب قس بن ساعدة أو التحكيم الأدبي لشعراء القبائل، أو دور دار الندوة في مكة، حتى بزوغ فجر الإسلام وحضور منبر الحرم والخطب الإسلامية، وما يقال في يوم عرفة ومنى كخطبة الوداع للرسول -عليه الصلاة والسلام- وخطب الخلفاء الراشدين ومجالس العلماء في الحرم، كمجلس عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- وعنايته باللغة العربية ونقد الشعر، وعنايته بالتفسير وقصصه مع شعر عمر بن أبي ربيعة، وقد دأب كثير من مشاهير رجال العلم والأدب، على أن يقصدوا كلما حجوا علماء الحرمين ليأخذوا من علومهم الدينية واللغوية والنحوية، وظهور أدب الرحلات في الحج كرحلة ابن بطوطة وابن جبير، الذي يقول: بدت لي أعلام بيت الهدى بمكة والنور باد عليه _ فأحرمت شوقاً له بالهوى وأهديت قلبي هدياً إليه، ومن المحدثين محمد طلعت صاحب كتاب: "مرآة الحرمين"، والبتنوني صاحب كتاب "الرحلة الحجازية"، ومن الأدباء محمد حسين هيكل صاحب كتاب "في منزل الوحي"، والأمير شكيب أرسلان في "الارتسامات اللطاف"، وقد حظيت مكة المكرمة والمدينة المنورة بالكثير من المؤلفات في تاريخهما وفضل أهلهما "كالجامع اللطيف" لابن ظهيرة القرشي، و"مقام إبراهيم" للشيخ محمد طاهر كردي، وأحمد السباعي في كتاب "تاريخ مكة"، وغيرها من المؤلفات التي تحدثت عن أمراء البلد الحرام، والأماكن المقدسة وتاريخ بعض العيون والآثار، وما ذكره المقريزي في كتابه: "الذهب المسبوك في ذكر من حج من الخلفاء والملوك"، وما ذكره الحريري في مقاماته، التي سماها "المكية" وما حفظته بلاد المغرب والأندلس في خزائنها من النفائس، التي نقلها إلى هناك العلماء والحجاج، فكان لهم فضل حفظها حتى عثر عليها الباحثون فعملوا على نشرها و إحيائها، كما كان للحج أثره الفعال في تصفية اللغة العربية، والتبادل العلمي والثقافي واستنساخ روائع الكتب في علوم العربية والتاريخ والجغرافيا والفلك، مع ما اشتملت عليه في عصرنا الحاضر برامج الإذاعات والتلفزة، وتقديم برامج تتصل بالحج من أحاديث وقصص وتمثيليات، وما تدونه الصحف والمجلات والملاحق وغيرها من شتى المرائي والصور والمشاهد.