الفكرة تكمن في استحضار كل ما كان بالأمس يدخل في حكم التحريم، وأصبح بقدرة قادر حلالا، بعد أن اكتشف الجميع أن الاجتهاد حول هذه القضية لم يكن في محله. هاشتاق انطلق منذ أيام على "تويتر" تحت عنوان "كان حرام وصار حلال"، رصد خلاله المغردون كمّا لا بأس به من الأحكام بالتحريم تحولت فيما بعد إلى الحل، وهي أحكام شرعية معاصرة وليست منذ قرون مضت، أي أن المجتمع تعايش مع حرمتها لفترة واليوم يعيشها ويستمتع بها حلال زلالا، ولعل أبرزها: التصوير، "الدشوش"، جوال الكاميرا، والقائمة تطول إذا رجعنا بالتاريخ قليلا لنجد أنفسنا أمام الراديو والتلفزيون وتعليم البنات وغيرها.

ويبدو أن المسألة ليست شرعية محضة بقدر ما هي محاولة لصد الجديد ورفض التعامل معه خشية عواقبه، عملا بالقاعدة الفقهية "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح". وسنحسن الظن في مشايخنا الكرام، الذين أفتوا بتحريم التصوير مثلا في الثمانينات الميلادية، كونهم كانوا يرون فيه محاكاة لخلق الله، مستندين إلى أحكام سابقة رأت في التصوير ترفا غير ذي حاجة، وحين تبينت لهم الصورة، أو لنقل حين انفتحوا على أحكام شرعية أخرى ترى أنه مجرد "حبس للظل" تراجعوا عن هذا الحكم.

يحدث هذا الحراك متزامنا مع تجدد مطالبات النساء بالسماح لهن بقيادة السيارة، رغم أنه لا رابط بين قضية التحريم وقيادة المرأة للسيارة، سوى بعض الفتاوى من مشايخ يرون فيها بابا للفتنة والافتتان، والتحريم إن وجد، يدخل ضمن قاعدة المفاسد والمصالح وما يقابله من رفض الجديد، غير أن العلماء المعتبرين من السلف والمعاصرين لم يستصدروا حكما في هذا الخصوص، ولا يوجد حتى مسألة أخرى مشابهة يمكن القياس عليها، لذلك فقيادة المرأة للسيارة من القضايا التي لا تتواءم مع الهاشتاق سالف الذكر، فلم تكن حراما قط، وهو ما يعطيها شرعية أكبر من التصوير والمسائل الأخرى التي مرت بحكم التحريم، لتكون واقعا، وتنحصر جهود صاحبات القضية حاليا في إقناع المجتمع لتقبل الوضع ليس إلا.