خامسة آل فرحان
"الرجل".. كلمة نشأنا على احترامها لا بل وإجلالها دون وعي منا بمعناها. تطرق هذه الكلمة مسامعنا آلاف المرات يوميا، ومنا من يستقبلها بحسرة وأحيانا بحسد لمجرد ما تحمله هذه الكلمة من معان، وما ينتج عن هذه المعاني من مميزات واستحقاقات اجتماعية.
المرأة السعودية وجدت في مجتمع غلبت العادات الاجتماعية فيه على الدين فوجدت نفسها محاطة بالرجال الذين يزعمون أن لديهم القدرة على حمايتها. يقولون نحن نريد حمايتها من الرجال؟ ألا يعني ذلك حمايتها من أنفسهم. ويقول الآخرون إن الرجل عليه حماية المرأة من أصحاب القلوب المريضة! ألا يجعل هذا الكلام صاحبه ذا قلب وعقل مريض بحيث يرى العالم من منظاره الخاص أو حتى من منظار ضيق!
لقد تربت المرأة السعودية في مجتمع "ذكوري" وليس "رجولي" والفرق بين الكلمتين كبير، فالذكر في كل الكائنات هو الموجود المتسلط الذي يستخدم عضلاته بدلا عن عقله، فهل هذه هي الحال حقا في المجتمع السعودي؟ قد يقول البعض إن هذا الكلام إنما يصدر عن شخص ليبرالي يهدف إلى تجريد المرأة من حيائها ولكن هذا الرأي عار عن الصحة. المرأة التي نشأت على احترام الذكر كونه رمزا للرجولة، عليها أن تعرف أن بوسعها أن تكون شخصا فعالا بدونه وذلك في إطار إسلامي متحفظ كذلك، وأن بوسعها أن "تكون" في هذا المجتمع دون سيطرته التامة على توجهاتها وعليها أن تؤمن بذلك قبل أن تقنع الرجل به. إن "تقديس" الذكر" ـ بما أننا قد اتفقنا بأننا نعيش في مجتمع ذكوري ـ هو عادة وجزء من التقاليد التي وجدت في مجتمعنا وغرست في عقول النشء منذ أقدم العصور وحاول الإسلام تغييرها، ولكن الغلبة جاءت للموروث الذي وجدنا آباءنا عليه، فمتى نعود للإسلام الحق الذي جاء ناصرا للمرأة لا عليها؟.
قد يكون هذا الموضوع من أكثر المواضيع قدما على الإطلاق، ولكن ما أود قوله هو إن المرأة عليها أن تبدأ بالتفكير بإمكانية استقلاليتها الفكرية، وألا تخنق هذه الفكرة داخل إطار التقاليد التي نشأت فيها وأن أمها وجدتها اللتين عاشتا في مجتمع تنقصه الثقافة بمفهومها الحديث من الممكن أن تكونا أكثر استقلاليه فكرية منها اليوم.