أدين لرسائل وصلتني عبر الـ"واتس أب" كونها غيرتني تجاه مسائل كنت أجهلها أو غافلا عنها، كما أنني أعترف بأن هناك أكثر من رسالة وصلتني عبر الـ"واتس أب" حفزتني على القيام بما لم أكن منتبهاً إليه بينما العمر يمضي، أو نبهتني لمسائل صحية وطبية أنا بحاجة لها أو أحاطتني بما يدور حولي مما لا يمكن لي الوقوف عليه على الدوام، فضلا عن أن رسائل عديدة تصل يوميا فيها ما يعين على ذكر الله ويرقق القلب أو ما تحوي معلومات وغرائب وقصصا ومقارنات رائعة، وعددا لا يحصى من مقاطع الفيديو والصور، ولعل آخر ما وصلني اليومين الماضيين عدد لا يحصى من النكت والتعليقات والصور التي لها علاقة بتصدر فريق النصر للدوري، وأخرى حول مدرب الهلال بعد هزيمة فريقه من الرائد!

هذا الفتح الذي أطل علينا عبر وسائل الإعلام الجديد ومنها الـ"واتس أب" سهل علينا سبل البحث ومهد لنا طرقاً عديدة ومتنوعة، واختصر لنا الزمن وأحاطنا علما بما لم يكن معلوما لدينا، ومكننا من مشاهدة ما لم يكن متاحا أو ممنوعا بالصوت والحركة، فضلا عن أنه أتاح لنا التواصل الآني أيا كانت أهدافه ومنافعه وأسبابه مع من نريد من أشخاص ومجموعات، وأصدقاء وعائلات وزملاء عمل أو دراسة أو مهن وغيرهم كثير.

أنا على يقين من أني لن أتمكن من حصر مزايا ومحاسن الـ"واتس أب"، كما أني متأكد من أن الكثير ممن يقرؤون هذه الأسطر لديهم شواهد وأمثلة وعناصر أكثر مما ذكرت عن فوائد هذه الوسائل الحديثة، إلا أنه في ذات الوقت أقول إن السيد "واتس أب" بات مزعجا لي وربما لغيري.

فواقع الحال يقول إنك تنام ساعة وتستيقظ لتجد مثلا 75 رسالة في "جروب" واحد فقط وستين في "جروب" ثان وعشرات الرسائل موزعة بين الأفراد، فهذا كتب رسالتين والثاني كتب ثلاثا وهكذا، وما إن تغادر الـ"جروب" حتى تأتيك رسائل "sms" بعضها يستفسر عن سبب مغادرة الـ"جروب" "عسى ما ضايقناك برسائلنا البايخة"؟! وآخر يقول "أكيد ما حنا في مستواكم ومستوى ما تكتبون وعشان كذا تركتوا الجروب"، وتعليقات آخرى لا تخلو من السخرية والنقد وسوء الظن.

بقي أن أقول إن الأكثر إزعاجا في الـ"واتس" ليس وصول نفس الرسالة إليك من عدة مصادر في نفس اليوم أو أن تصلك رسالة قد اطلعت عليها قبل سنة وليس أن يستحلفك المرسل بضرورة إعادة رسالته ونشرها لمن تعرف ومن لا تعرف؟! بل الأكثر إزعاجا أن أكثر المرسلين لتلك الفتاوى النيرة والقيمة والحكم والأقوال الذهبية والمقاطع المؤثرة والمقارنات الجميلة والمعلومات الفريدة لا يعملون بها مطلقا، وهنا يكون الحزن والضيق أعظم من فحوى تلك الرسائل البايخة التي تهدر الوقت ولا تضيف جديدا، لأني أظن أن ما يرسل عبر الـ"واتس" مما قلت إنه جميل وجديد ومنتقى يمكن أن يحدث تغييرا هائلا في نفوس الناس وسلوكياتهم بل وفكرهم لو عملوا به.