استبشر القدساويون خيراً بعدما حلت الرئاسة العامة لرعاية الشباب إدارة القادسية، متطلعين لتغير أحوال النادي إلى الأفضل، لكنهم صدموا بواقع ناديهم المالي المدين بأكثر من 14 مليون ريال، إضافة إلى مرتبات متأخرة لبعض العاملين تصل إلى أكثر من 10 أشهر، إلى جانب عدم استلام عدد من اللاعبين مقدمات عقودهم، ناهيك عن شكاوى متعددة ضد النادي في لجنة الاحتراف وفي الاتحادين الدولي والسعودي.

كل هذه الأمور جعلت الجميع يتساءل أين ذهبت أموال النادي؟

"الوطن" غاصت في تفاصيل الأمور المالية منذ تولت الإدارة مهامها التي بدأت بالتكليف نهاية عام 2008 وإلى أن تم حلها الأسبوع الماضي وتخللتها استقالة الرئيس السابق عبدالله الهزاع في مايو 2012، وتم بعدها تكليف نائبه داود القصيبي بإدارة النادي إلى أن تعقد جمعية عمومية، وهو ما يعني أن هذه الإدارة استمرت في مهمتها 4 سنوات و7 أشهر.


3.5 ملايين وإبراء ذمة

في 28 سبتمبر 2008 وقع رئيس النادي الجديد في ذلك الوقت عبدالله الهزاع على محضر الاستلام والتسليم من الرئيس السابق جاسم الياقوت، كما وقع معه أمين الصندوق الجديد سعود الفياحين ومندوب مكتب رعاية الشباب رمضان الرمضان وتم استلام خزينة النادي وبها قرابة الـ3.5 ملايين ريال.

في بداية هذه المرحلة أعلن الهزاع للجمهور القدساوي عدم بيع عقد أي لاعب والمحافظة على نجوم الفريق مهما كانت المغريات، إلا أن هذه الوعود لم تدم طويلا، حيث أبرمت صفقة تاريخية تمثلث في بيع عقد محمد السهلاوي إلى النصر بقيمة وصلت إلى 33 مليون ريال، نصيب النادي منها 25 مليوناً.

واستمر بيع عقود اللاعبين مروراً بالجزائري الحاج بوقاش وعبدالكريم الخيبري وخالد الغامدي وفهد الدوسري، وكان آخرهم ياسر الشهراني للهلال بقيمة 20 مليون ريال ما بين إعارة وانتقال نهائي، كما وصل الأمر إلى بيع عقود بعض اللاعبين في ألعاب النادي المختلفة كالسلة واليد.

ويعد القادسية أكثر الأندية المحلية والخليجية استفادة من بيع عقود اللاعبين، حيث تشير التوقعات إلى أن المبالغ التي دخلت خزينته من هذه الصفقات خلال السنوات الأربع الماضية تزيد عن 57 مليون ريال، وهو رقم قياسي في تاريخ الصفقات المحلية.

وكانت صفقة بيع عقد بوقاش الأكثر إثارة وجدلية، حيث كان الفريق يصارع على الهبوط وباعت الإدارة عقده للنصر مما جعل مئات من الجماهير وأعضاء الشرف يتجمهرون في النادي احتجاجاً على تقديم مصالح الأندية الأخرى على مصلحة القادسية الذي كان بأمس الحاجة للاعب، خاصة أنه كان نجم الفريق الأوحد في ذلك الوقت. إضافة إلى صفقة فهد الدوسري للشباب حيث كان كبار أعضاء شرف مجتمعين من أجل سحب الثقة من الإدارة في حين كان الهزاع يوقع على انتقال الدوسري إلى الشباب.


مبالغ أخرى

وتلقت الخزينة مبالغ أخرى غير بيع عقود اللاعبين، مثل إعانات تقدر بقرابة الـ26 مليون ريال، منها 10 ملايين دعم من خادم الحرمين الشريفين، إضافة إلى حقوق النادي من النقل التلفزيوني وتصل إلى 4 ملايين سنوياً عندما كان الفريق في دوري زين، انخفضت إلى 450 ألف ريال سنوياً في دوري ركاء، وإعانة الاحتراف التي تصل إلى 1.5 مليون ريال عندما كان في "زين" تم تخفيضها إلى النصف عندما هبط الفريق لدوري ركاء، وكذلك إعانة رعاية الشباب المقطوعة التي تصرف للنادي كل موسم رياضي.





مبالغ متبقية

تبقى للنادي في ذمة الهلال 11 مليون ريال من صفقة الشهراني، يجب على الإدارة الهلالية تسليم القادسية 3.5 ملايين ريال مطلع الموسم المقبل و7.5 ملايين نهاية الموسم الذي يليه، كما تبقى لدى إدارة نادي الشباب 1.5 مليون ريال كان يجب دفعها في يناير الماضي.


87 مليونا خلال 4 سنوات

مجموع ما دخل خزينة النادي حسب تأكيدات عضو الإدارة المنحلة محمد الرتوعي يزيد عن 87 مليون ريال، في حين يؤكد أن المصروفات حسب معلوماته تجاوزت الـ100 مليون ريال، وبالتالي فحجم العجز الآن 14 مليون ريال.

وأشار الرتوعي إلى أنه منذ استلام الإدارة الحالية التي هي امتداد لإدارة الهزاع وفريق كرة القدم يصارع للبقاء ويهبط ويستثنى بقرار ثم يهبط إلى دوري ركاء، وخلال الموسم الحالي لم يستطع العودة رغم كل الأموال التي ضخت في خزينته.

وقال" كافة ألعاب النادي معطلة وجميع الأنشطة الاجتماعية والثقافية تم إلغاؤها، إذاً أين ذهبت هذه المبالغ الكبيرة وكيف تم صرفها؟".

وأضاف "أطالب الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل بالتدخل والتحقيق في أموال النادي". متسائلاً "أين ذهبت أكثر من 87 مليون ريال خلال 4 سنوات ونصف السنة".

وتابع "للأسف رغم هذا المبلغ الكبير إلا أنه على النادي ديون تفوق الـ 14 مليون ريال، مما يدعونا للتساؤل للمرة الثانية أين ذهبت أكثر من 85 مليون ريال وهل تم صرف أكثر من 100 مليون ريال خلال فترة الإدارة المنحلة". مشيراً إلى هناك أندية في دوري زين حققت البطولات وهي لم تصرف نصف ما صرفه القادسية.

وختم الرتوعي بالإشارة إلى أنه يحمل عدداً من الوثائق والإثباتات التي تدين عدداً من أعضاء الإدارة وبعض العاملين، وقال "هذا سبب تهرب الإدارة من إطلاعي على إيرادات ومصروفات النادي طوال الفترة الماضية".



العلي ينادي

أما عضو الشرف جمال العلي فأكد أن عمومية النادي التي ستعقد خلال الفترة المقبلة كفيلة بكشف كافة تفاصيل أموال النادي متى توفرت الشفافية من اللجنة المشرفة عليها.

وطالب العلي بإعادة أي مبالغ مالية صرفت دون أن تكون مدونة في محاضر مجلس الإدارة، وقال "حتى طريقة تسليف النادي من أعضاء مجلس الإدارة واستعادة المبالغ المالية بهذه الطريقة مخالفة لأنظمة رعاية الشباب". وأشار إلى أن "الإدارة المقبلة لن تكون مطالبة بتسديد الديون التي لا توجد في المحاضر، ولذلك رعاية الشباب مطالبة بتدقيق كافة الأمور المالية وتطبيقها على محاضر الاجتماعات حتى تعرف الإدارة المقبلة ما لها وما عليها".


إنفاق 100 مليون مصيبة

أما عضو الشرف عادل المقبل فأكد أن حجم الديون على النادي ليس بسيطاً، مشيراً إلى أن ناديا مثل الشعلة استطاع البقاء في دوري زين وقدم مستويات مميزة وميزانيته 9 ملايين ريال فقط، وقال "ليس هذا فحسب إذا علمنا أن الفتح حقق أقوى البطولات السعودية بميزانية لا تتجاوز الـ20 مليون ريال، مما يجعلنا نتساءل لماذا هذا الإنفاق الهائل لإدارة القادسية، وماذا استفاد النادي منه، ولذلك أطالب رعاية الشباب فقط بشيء واحد وهو الوقوف مع النادي وحفظ حقوقه".

وأضاف "ليس بيننا وبين أعضاء الإدارة السابقة أي مشاكل ولكن نقول اجتهادكم في غير محله وكان ارتجاليا ودون تخطيط ومصروفاتكم مبالغ فيها، وكان من الواجب أن تكون خزينة النادي مليئة بالأموال وليست مدينة كما فعلتم".

وشكر المقبل المسؤولين في رعاية الشباب، وأوضح "الأهم عدم النظر للخلف بل يجب أن تكون النظرة للأمام وأن تجد رعاية الشباب حلاً جذرياً للنادي لإخراجه من هذا النفق المظلم".