في طريقي إلى العمل، شاهدت تقريرا لقناة ألمانية يتحدث عن تعامل البعض مع اللاجئات السوريات في الأردن، ولمن لم يشاهد التقرير، فهو لقاء مصور مع فتيات منقبات من منازلهن، تتراوح أعمارهن بين 13 إلى 16 سنة، سبق لهن الزواج من رجال في أعمار أجدادهن، إذ كانت شروط المراهقين ما بعد الـ60 أن تكون العروسة تحت السن القانونية، وأخذت أتساءل عن الرابط القوي بين بعض "الجماعات الدينية" والجسد؟ وإذا بي أقرأ في موقع إذاعة أمستردام موضوعا كان عنوانه "لماذا يُكثر الدعاة من الحديث عن الجسد"؟ توقعت أني وجدت ضالتي، لكن بعد قراءتي للموضوع لم أجد فيه إجابة عن سؤالي!
عندما أتحدث عن الدعاة أو رجال الدين هنا، فأنا لا أقتصر على الدين الإسلامي، فهنالك في المسيحية ما هو أدهى من ذلك، فكم من فضائح حدثت في أروقة الكنائس، وكم من تحرشات واغتصابات حدثت باسم الدين، فالكل يعلم بفضائح التحرش الجنسي بالأطفال من جانب الكهنة وحمايتهم أحيانا من جانب رؤسائهم الروحيين، تلك الفضائح التي كشفتها الوثائق الفاتيكانية المسربة، التي عرفت بـ"فاتيليكس"، التي كانت السبب في استقالة بنديكتوس السادس عشر بابا الفاتيكان.
إذا ما علاقة هذا الربط المتكرر بين الدين والجسد؟ ولنأخذ الجهاد مثالا على ذلك، فإذا عرّفناه فهو، لغةً: مأخوذ من الْجَهْد أو الْجُهْد أي بذل الوسع، والعمل ببذل الطاقة. أما اصطلاحا غالبا يدل على جهاد الكفار وقتالهم، وهذا هو المعنى الخاص للجهاد. أما المعنى العام كما عرفه الشيخ ابن تيمية رحمه الله: "والجهاد هو بذل الوسع - وهو القدرة - في حصول محبوب الحق، ودفع ما يكرهه الحق". و يقول ابن القيم أيضا رحمه الله: "والتحقيق أن جنس الجهاد فرض عين إما بالقلب، وإما باللسان، وإما بالمال، وإما باليد، فعلى كل مسلم أن يجاهد بنوع من هذه الأنواع".. إما بقلبه أو لسانه أو ماله أو بيده، فلماذا يكون التركيز على الجهاد بمفهومه الخاص، هل لارتباطه المزعوم بالحور العين؟ أم هي الطريقة واللغة الوحيدة التي يتقنونها؟ أين ذهب الترغيب بالجنة ونعيمها؟! أين مفهوم الثواب والعقاب؟! أين مفهوم إماطة الأذى؟! أين الابتسامة في وجه أخيك؟!
في عصرنا هذا أصبح قول الحق جهادا، ورفض الأدلجة جهادا، والتمسك بالأخلاق والمبادئ جهادا.. إذن هل لهذا علاقة بالهاجس الجسدي الذي مع الأسف يوجد في خطاب بعض الدعاة؟! أم أن الخلل يكمن في عدم فهم بعض الدعاة وبعض رجال الدين معنى الإيمان الروحاني والعلاقة مع الله التي ينتج عنها الزهد وإعفاف النفس عن الشهوات الدنيوية.