قمت بزيارة محل عطورات عالمي شهير في الخارج، وسرني أنه يمنح الزبون بطاقة فورية تتيح له الحصول على خصم دائم قيمته 10? في أي من فروعه. أحد التجار المحليين - فيما يبدو - استطاع الحصول على وكالة هذه الشركة الكبرى، لكنه لا يتعامل معك كما يتعامل معك الوكلاء الآخرون في الدول الأخرى.. فأنت بالنسبة له فريسة سمينة وسهلة!

المقال اليوم ليس عن العطورات.. لكن لفت نظري موضوع كتبته إحدى القارئات في هذه الصحيفة، تصف فيه الدكتورة التي تقوم بتدريسهن في الجامعة بقولها: "مشكلة دكتورتنا الوهمية أنها تحرّم "العطر" ووضع أدوات التجميل بحجة أنها تغيير لخلق الله.. وتضيع محاضرتها حسب مقتضى مزاجها وحاله، وهذا حرام وهذا يجب ويجوز وهذا مكروه مغلظ"!

أنا لست مفتيا.. لكن هل كل مفتٍ جدير بأن ننصت له! وهل كل فتوى جديرة بأن نقف عندها وننشرها في الصحف؟ هل كل ما نسمعه من فتاوى تستحق الاهتمام؟ لو أننا صدقنا كل فتوى أو رأي فقهي نسمعه لتوقفت حياتنا.. ولكننا ما نزال نتناقش، هل ركوب الدراجة "حلال أم حرام".. هناك فتاوى متشددة.. وهناك فتاوى شاذة.. وهناك آراء غريبة لن تتوقف، ولا تستحق بالتالي أن نقف عندها.. الوقوف عندها وإبرازها يشوه الصورة الجميلة لديننا الإسلامي.

منذ انطلاق موقع "تويتر" هناك أناس لا شغل لهم سوى ملاحقة المفتين المغمورين، والبحث عن غرائب الفتوى والانطلاق بها نحو هذا الموقع العالمي.. يصنع منها قضية رأي عام.. تطير بها التلفزيونات والمواقع العالمية؛ ليشغل الناس، ويدخلهم في جدل ليس له نهاية.. إن السكوت عن هذه الفتاوى الغريبة كفيل بالقضاء عليها.

عند سماع بعض المفتين، ليس أجمل من قول الصفدي: "فكن كأنك لم تسمع ولم يَقُلِ".