لا شك أن "في السِّير عِبر".. ولا شك أن التاريخ لا يقل أهمية عن الحاضر.

لا تنسى منطقة الحدود الشمالية بكل مكوناتها "طريف وعرعر ورفحاء" إبراهيم محمد الحسون، مثلما أنه لم ينسها بعدما عاش فترة من الزمن في كل مدنها، التي كانت آنذاك بيوتا متناثرة على طرف خط الأنابيب.. فقدم تاريخا توثيقيا بروايته لما عايشه وما شاهده فيها خلال فترة عمله فيها، فرصد بدايتها، وما يزال اسم "ابن حسون" له صدى في الشمال.

كتاب "خواطر وذكريات" ثري بالسيرة الذاتية، التي لم تكن سيرة لكاتبها فقط، بل كانت تاريخا لأطراف وطن منها "الشمالية" فوصف حالها وبيوتها وأهلها، ولم يترك صغيرة أو كبيرة إلا ومر عليها بالتفصيل والوصف الدقيق، حتى تكاد تعيش تلك الأيام بقراءة مذكراته التي طبعت في 3 أجزاء عام 1424، قبل وفاته.

كان الحسون يملي التاريخ والخواطر من ذاكرته، وهو في الـ90 من عمره كما ذكر في مقدمة الكتاب، ولم تكن خاصة بفترة عمله موظفا ومسؤولا في جمارك الشمالية، بل جاء فيها على طفولته في عنيزة وشبابه في جدة والشرقية، وقبلها رحلته إلى الحج على ظهور الإبل، وسرد قصص الشمال وحكايات أهلها، وتم دمج الأحداث العالمية في تلك السير، وتحدث عن مصر ولبنان، وعن عمله في التفتيش الجمركي وآليات العمل البدائية فيه.

لم يكن يسرد الذكريات بل كان يصور واقعا قديما بدقة تعيدك إلى الماضي، لتدرك الفرق بين ما كنا عليه آنذاك، وما نحن عليه اليوم من خير ونعمة.

ثراء كبير في سيرة إبراهيم الحسون، المولود في عنيزة عام 1333هـ، الذي درس في كتاتيبها ثم قفز إلى مدارس جدة، فدخل الرشدية والفلاح، ثم التحق بمدرسة تحضير البعثات، قبل أن ينتقل إلى العمل سكرتيرا خاصا بالقائم مقام جدة، تحول بعدها إلى العمل مأمورا في جمارك الخبر لمستوردات شركة أرامكوا، ورحل بعدها إلى رأس تنورة، ثم مديرا لجمرك أم رضمة بالمنطقة الشمالية، وعمل مفتشا لجمارك الحدود الشمالية ثم مساعدا لمدير المالية، وأمينا لجمارك الحدود، كما عين رئيس مال وأمين جمارك الحدود الشمالية لـ20 عاما، ثم ركن إلى التقاعد بعد 40 عاما من التنقل بين أقطار الوطن.

(بين قوسين)

سيرة إبراهيم الحسون.. تخليد لذكرى رجل وطني وتوثيق لتاريخ بعض أرجاء الوطن.