عندما اشتبك وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، العام الماضي مع نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون، حول الأوضاع في سورية العام الماضي، كان ذلك بمثابة مؤشر على نوعية التصرفات التي باتت تحكم علاقتهما. ولم تتغير طبيعة المواقف المتصلبة بين الولايات وروسيا حول سورية والعديد من الملفات الدبلوماسية الأخرى طيلة بقاء كلينتون على سدة وزارة الخارجية، لكن بمجرد مجيء خلفها جون كيري، يبدو أن التغيير قد حدث أخيرا. ورغم المعارك الدبلوماسية التي شابت علاقات البلدين مؤخرا، إلا أنه يبدو أن الدبلوماسيين وجدا أخيرا هدفا مشتركا حول أكثر الملفات إثارة للجدل بينهما، وهو الملف السوري وذلك وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".

وكان لافتا أن لافروف أبدى قدرا من المرونة والكياسة مع كيري أكثر مما أبداه مع كلينتون وسالفتها كوندوليزا رايس، حيث كانت لكلتا المرأتين علاقة باردة ومتجمدة مع وزير الخارجية الروسي ورئيسه فلاديمير بوتين. إلا أن كيري ولافروف تجاوزا تلك الإخفاقات واتفقا مؤخرا على حشد الدعم لمؤتمر يتناول حل الأزمة السورية من المرجح أن يعقد في جنيف الشهر المقبل. رغم ذلك ما زالت العلاقة بين البلدين تتأرجح بين التعاون والمواجهة. وقد نشب مؤخرا نزاع حول تقرير استخباري أميركي حذر من أن روسيا في طريقها لإرسال صفقة صواريخ جديدة لسورية وصفها رئيس هيئة الأركان الأميركي بأنها "في وقت غير مناسب وتدعو للأسف".

ويعود تركيز وزير الخارجية الأميركي على روسيا والدور الذي يمكن أن تلعبه في سورية إلى رغبة البيت الأبيض في تطوير العلاقات مع الكرملين خلال فترة الولاية الثانية للرئيس أوباما. ومع أن الولاية الأولى شهدت تقدما في العلاقة بين البلدين، إلا أن التوترات بين البلدين سرعان ما عادت للظهور مجددا بسبب ثورات الربيع العربي والإطاحة بالزعيم الليبي السابق معمر القذافي، وكذلك عودة الرئيس الروسي بوتين، إلى الحكم عقب انتخابات وصفت على نطاق واسع بأنها غير ديموقراطية. مما دفع بوتين لاتهام كلينتون بأنها حرضت شخصيا على اندلاع المظاهرات الاحتجاجية في موسكو.

بمجرد أن أدى كيري القسم كوزير للخارجية التقى لافروف خمس مرات في برلين ولندن وبروكسل وموسكو وكيرونا السويدية. وتعكس هذه اللقاءات المتكررة لرئيس الدبلوماسية الأميركية الأهمية التي يوليها لهذا الملف. ويشير دبلوماسي مطلع إلى أن درجة الإلفة بين الرجلين زادت بدرجة ملحوظة، مشيرا إلى أنهما مازحا بعضهما البعض خلال زيارة كيري الأخيرة إلى موسكو حول عشقهما المتبادل للعبة الهوكي، وكان لافتا أنهما تركا أعضاء وفديهما المفاوض داخل غرفة الضيافة وتمشيا معا في حديقة القصر، كما أوليا اهتماما للمفردات التي تضمنها البيان المشترك الذي صدر في ختام اجتماعاتهما تلك الليلة.

إلا أن السياسة التي يتبعها كيري تواجه بانتقادات داخل بلاده، حيث ينادي كثير من صناع القرار بسياسة أكثر قوة وتأثيرا بخصوص سورية، حيث انتقد رئيس اللجنة السياسية بمجلس الشيوخ الجمهوري جون باراسو، سياسة بلاده وقال: إن كيري بطلبه المساعدة الروسية على حفظ المصالح الأميركية في سورية "كمن يطلب من الثعلب حراسة قفص الدجاج".