طالب الباحث في تاريخ المدينة المنورة الدكتور عبدالله محمد الشايع هيئة السياحة والآثار بإعادة رسم طرق قوافل الحج القديمة وإصدار خرائط توضيحية، وإنزال إحداثيات لها تبين مسارها بأجهزة تحديد المواقع الحديثة، وذلك لما تمثله من شواهد حضارية للجزيرة العربية وعنايتها بطرق الحج. وذلك بعد تعرض معالمها للاندثار وتحول في مسميات القرى والمحطات القديمة التي تمر بها وضعف اهتمام المؤرخين والمحققين بتلك الطرق.
جاء ذلك في المحاضرة التي نظمتها الأمانة العامة لمناسبة المدينة عاصمة الثقافة الإسلامية 1434 أول من أمس في معرض "المدينة مأرز الإيمان". وقال الشايع في محاضرته التي عنون لها بـ"طريق الأخرجة من فيد إلى المدينة المنورة"، نتيجة لوجود الحرمين الشريفين على أراضي المملكة العربية السعودية فقد امتلأت أراضيها بالآثار الغنية، ومن أبرز هذه الآثار طرق الحج التي أصبحت شاهداً على عصور سحيقة من الزمان، عبرت خلالها قوافل الحجاج قاصدة الحرمين في "المدينة" و"مكة" ومن أهم هذه الطرق "طريق الأخرجة" الذي تفرع من "فيد" الواقعة في منطقة حائل ويمتد للمدينة المنورة وهو أحد أهم 3 طرق للحجاج القادمين من العراق، مبيناً أن ترك هذه الطرق دون تحقيق وإعادة تحديد معالمه سيتسبب في ضياع معالمه.
وأورد الشايع جملة "أخطاء" وقع فيها عدد من المؤرخين عند ذكرهم لطرق قوافل الحج القادمة من شمال الجزيرة العربية، مفيداً أن عدم تحقيق مسار الطريق أدى لوقوع المؤرخين في مسميات القرى والمحطات التي يمر بها هذا الطريق الشهير.
وعدد الشايع في استعراض إلكتروني (مرئي) عبر خارطة رسمها أثناء تتبعه طريق "الأخرجة" أبرز القرى والمحطات التي يمر بها طريق القوافل قديما من" فيد" إلى المدينة، مبيناً أن قوافل الحج تجتمع شمال الجزيرة العربية وتنطلق من نزلة، فيد مرورا بالأخرجة (الصفراء )، ثم غمرة مرزوق، وتسمى حالياً (اشبرية)، العنابة (الحميمية الشمالية)، حسى ويطلق عليها اليوم (العجاجة)، الرقم وتسمى اليوم (بئر العماير)، السعد (المستجدة)، الخيل، الشقرة، بئر السائب وصولا إلى المدينة المنورة.
وعن طريقة الباحث في تتبع سير طريق قوافل الحج القديم (الأخرجة) قال: قمت بدراسة النصوص الواردة عن منازل الطريق القديم ثم النزول الميداني وتتبع الطريق وفقا للوصف القديم لها من خلال كتب التراث ومعرفة المسافة بتحويل الأميال بالأمتار (محولاً المسافات القديمة لطريقة معرفة الأبعاد الحديثة)، ذاكرا أنه قام بهذه الرحلة الميدانية في شهر شعبان سنة 1430، كما تمكن من الوقوف على بعض منازله وموارده، وهذا ما شجعه على إعادة رسم مسار هذا الطريق ضمن مشروع "تحقيق مسارات طرق القوافل القديمة" لأهميته التاريخية.
واعتبر الشايع "فيد" من أبرز المحطات التي ينطلق منها أشهر طرق الحج القديمة وتتميز بموقعها الجغرافي وبوفرة المياه ومركزها التجاري، لذا كانت القوافل تنطلق منها بحسب عدد من المصادر التاريخية التي اوردها الشايع.
ولم ينكر الباحث أنه وجد صعوبة في التعرف على تلك المنازل، وذلك يعود إلى ما لحق بها من تغيير في الأسماء، ولكون بعض هذه الطرق تم هجرها والاستعاضة منها بطرق أخرى، وأرجع ذلك لقلة المياه المتواجدة في هذه الطرق أو لأسباب أمنية.