وحين يتفق الجميع على أن علاقة الطلاب عموما بمدارسهم متوترة، فذلك بالطبع لا ينسحب على طلاب المدارس المستأجرة، الذين يمكننا أن نستبدل معهم مفردة "متوترة" إلى كلمة أخرى كـ"مفقودة" أو"مقطوعة" أو"معدومة"! فمرافق تلك المدارس التي تتوزع بين فصل كان "مطبخا"، ومكتبة كانت "ممرا"، ومعملا كان إلى وقت قريب على رأس العمل كـ"مجلس"، تجعل الطالب يتأكد حقا أن المدرسة هي بيته الثاني، الذي يرجو الخروج منه بأسرع وقت ممكن!.
زيارة واحدة لمدرسة من مثل هذا النوع ستعطيك كل الإجابات عن أسئلتك القديمة، وأكثر من ذلك، ستفجر في رأسك أسئلة جديدة عما إذا كان ما شاهدته نوعا من العقوبة لهؤلاء الطلاب؟ ستفهم بعد تلك الزيارة، لماذا يمارس الطلاب هناك كل طقوس الفرح والابتهاج بعد جرس الحصة الأخيرة؟
"فصل واحد" يحوي أكثر من 25 طالبا، يتنافسون فيما بينهم على ذرات الهواء النادرة هناك، بعد أن شاخ مكيفهم الوحيد! يتجاورون في المقاعد حد التصادم، ويتقاسمون بالتساوي قطرات الماء التي تهطل على رؤوسهم لأسباب تتعلق بسوء السباكة!
"حصة رياضة" يتيمة تتحول لشيء أقرب إلى العقوبة، حين يمارس الطلاب كرة القدم على ملعب يصلح لأي شيء عدا أن يكون ملعبا لكرة القدم، ليخرجوا من هناك بإصابات مختلفة تتراوح بين التواء في المفصل نتيجة الحفر التي تملأ أرض المكان، أو شج في الرأس بعد السقوط المباشر على"الصبة"! أو حتى كسر مضاعف في الساق بعد التحام مباشر بأحد أعمدة الإضاءة الذي يغطي خانة الظهير الأيسر بامتياز!
"فناء خارجي" ـ إن وجد ـ يمكن الاستفادة منه فقط في تجارة "السكراب" والخردة، و"دورات مياه" سيضرب الطلاب عن استخدامها لأسباب تتعلق بإنسانيتهم، أما "الأسلاك الكهربائية المكشوفة" فهي ما ستجعلك تحفظ الرقم 998 ما تبقى لك من حياة!
كل شيء في ذلك النوع من المدارس يدعو للتقرب إلى الله ودعوته بأن يُخرج الطلاب من هناك "سالمين"، أما أختها "غانمين" فيملأ قلبي شك كبير في ذلك!