نشرت صحيفة الوطن أمس خبرا مفاده أن البنك السعودي للتسليف والادخار استقبل حتى سبتمبر من العام الجاري 2013 قرابة 251 مليون ريال في حساب إبراء الذمة، والبنك بدأ في استقبال هذه الأموال من أشخاص لم يفصح عن هوياتهم منذ العام 2006، وهذا يعني أن هذا المبلغ هو حصيلة 7 سنوات من محطات "صحو الضمير" بين أفراد المجتمع.
هذا المبلغ لا يعتبر رقما ذا أهمية إذا ما عرفنا أن السعودية تفقد سنويا 55 مليار ريال نتيجة عمليات الفساد التي تحدث في الجهات الحكومية وغير الحكومية، وإذا ما حسبنا الحسبة البسيطة سيكون المبلغ المودع في حساب إبراء الذمة سنويا نحو 35 مليون ريال، أي إنه مجرد "ملاليم" بلغة إخواننا المصريين، أمام 55 مليار ريال مهدرة سنويا.
الجميل في الموضوع أن هذه المبالغ التي يستقبلها البنك من الإخوة الراغبين في التخلص مما علق في ذممهم، تصرف في شؤون خيرية لصالح القروض الاجتماعية للزواج والأسرة والترميم، ويصرف البنك سنويا نحو 53 مليار ريال كقروض خيرية دون فوائد، وهذا رقم مقارب للمبلغ المهدر، وسيغطي كل القروض لو استيقظت كل الضمائر.
لكن يؤخذ على بنك التسليف ومعه هيئة مكافحة الفساد تقاعسهما عن الترويج لمشروع إبراء الذمة بشكل يرفع من حجم الإقبال عليه، خصوصا أن الهيئة تحديدا وجدت نفسها أمام عدة قضايا فساد شائكة، ولعل الكاتب فضل أبو العينين اختصر علينا عناء فهم دور الهيئة حين وصفها بـ"الأسد دون أنياب"، وهو ما يحملها مسؤولية البحث عن بدائل لحراسة الضمير الإنساني وإعادة تأهيله.
وفي ظني أن الهيئة اليوم بحاجة ماسة إلى حملات إعلامية إعلانية متواصلة تبث عبر كل الوسائل، لتذكير الأفراد بربهم وإيقاظ ضمائرهم وتحفيزهم على التخلص من المبالغ التي أخذت على غير وجه حق، مع أهمية الاستعانة بالوعاظ ورجال الدين في هذه الحملات للتأثير على مجتمع نزعم دائما أنه متدين ويخاف الله ويوم الحساب.