بعد تجربة توثيق التراث الشعري العربي القديم صوتيا التي قدمت عبر المركز الثقافي في أبوظبي قبل عدة سنوات، أتت تجربة محلية عبر مؤسسة خاصة لتجعل هذا الأرث الثقافي الكبير يطرق الأسماع في وقت قلة فيه الحماسة للقراءة والبحث في بطون كتب التراث. وقال منتج العمل ـ المتخصص في إنتاج الوسائط السمعية ـ عادل الهذلي إن أهم سبب حرضه على خوض التجربة هو "عدم قناعة" الأندية الأدبية بأهمية تقديم المنتج الأدبي لشعراء العربية مسموعا، وهو جعل أول ديوان شعري للمتنبي خارج إطار دعم الأندية الأدبية التي رفضت تبني العمل ـ حسب قوله ـ.وبين أن المشروع هو جزء من سلسلة مشاريع يسعى من خلالها لحفظ الإرث الثقافي والأدبي لأبرز شعراء العرب أمثال أبي الطيب المتنبي وعنترة بن شداد وامرئ القيس والفرزدق وجرير وغيرهم.

وقال الهذلي في حديث لـ"الوطن": إن التطورات التقنية تحتم على الأندية الأدبية إعادة صياغة تقديم المنتج الأدبي للجمهور، مشيرا إلى أنه حان الوقت لتقديم الدواوين الصوتية لشعراء الفصحى للمتلقي، وخاصة أن المتلقي عندما يستمع للقصيدة من كاتبها أو من يلقيها أو ينشدها نيابة عنه أفضل كثيرا من قراءتها في الديوان المكتوب.

وتحدث الهذلي عن تجربته في تبني إنتاج ديوان "المتنبي" قائلا: عرضت فكرة الديوان على عدد من الأندية الأدبية، فرفضت تبنيه لعدم قناعتها بفكرة تقديم الإنتاج الأدبي مسموعا للوسط الثقافي، مشيرا إلى أن الديوان ضم 18قصيدة منها "عيد بأية حال عدت يا عيد" والتي ستقدم للمتلقي بلون إنشادي، مؤكدا أنه تم "انتقاء القصائد بعناية من قبل عدد من الشعراء والأدباء وتمت الاستعانة بمنشد وملحن في نفس الوقت والذي قدم القصائد للمتلقين بصورة مختلفة".

وبين الهذلي أن فكرة تقديم الدواوين الشعرية لشعراء الفصحى كانت تراوده منذ 5 سنوات، وخاصة بعد انتشار الدواوين الصوتية للشعر الشعبي والذي طغى على الفصيح، مشيرا إلى أن "رموز" الشعر العربي أحق بأن تكون قصائدهم متناولة في عصر الصوت والصورة، وخاصة أن المتلقي لم يعد لديه الوقت لقراءة القصائد من الدواوين الشعرية، مشيرا إلى أن أول ديوان للمتنبي صدر وسيتم تدشينه مساء اليوم في القاعة الكبرى بالغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة بحضور عدد من المثقفين والأدباء في المنطقة.

من جهته، قال عضو مجلس إدارة نادي الطائف الأدبي الثقافي فهد الحارثي إن الأندية الأدبية ما زالت غير مقتنعة في تقديم الإنتاج الأدبي مسموعا، على الرغم من التحولات التي طرأت على الساحة وأصبح المتلقي يتلقى كثيرا من الثقافات عبر الأجهزة الذكية، وبين أن فكرة إصدار الدواوين الشعرية للشعراء المعاصرين أو الرموز كأمثال المتنبي فكرة جديدة وتحدث تغييرا في الساحة الثقافية مستقبلا لو اقتنعت الأندية الأدبية بها ودعمتها، وهذا ما ينبغي أن يكون، وخاصة أن المتلقي يستمتع بتلقي القصيدة كما كتبت لا كما يقرأها، وقد يخطئ في قراءتها.

وكانت المؤسسة أطلقت مشروع الديوان الصوتي تحت شعار (لنعد للشعر العربي حضوره) ضم أجمل ما قاله المتنبي، ونفذ العمل على عدة مراحل بين القاهرة ومكة المكرمة، حيث تم التنويع في الديوان بين إلقاء القصائد والإنشاد بتوزيع و"كورال هارموني" صوتي بشري من دون موسيقى. ويضم الديوان الصوتي 18 قصيدة، منها تسع قصائد إلقاء بصوت الإعلامي المصري ياسر عبدالسلام، وتسع قصائد إنشاد بصوت المنشد السعودي أحمد بن زايد.