لا أعلم من أي عوالم عقلية جاء إلينا هذا (المعتوه) الذي يقول إن التنظيم الحكومي لموسم الحج وتقنين أعداد الحجاج بحسب التصريح يعد جريمة وخطأ ضد طبيعة الفريضة المقدسة وحقوق المسلمين في الحج. يحتاج مثل هذا (المتخلف) أن يعرف أبسط بدهيات شروط وأركان هذه الفريضة المقدسة في المعادلة البسيطة التالية: حجم المساحة المكانية في المشاعر المقدسة في مقابل القدرة على التدفق، ومع هذا نحن اليوم لا نكتب من أجل إقناع معتوه أو متخلف تحركه مصالحه الخاصة من الحج: نحن نكتب للحقيقة والتاريخ ونكتب للمسلم العاقل كي يترك الفرصة لمن يستحق من إخوانه في الدين، إن سبق وأخذ من قبل بالفرصة. حين اتخذت القمة الإسلامية قرارها الشهير قبل أكثر من عقدين من الزمن بتحديد النسب المسموحة من كل دولة بالحج، كان أمامها في حيثيات القرار أن ترك الحج بلا ضوابط سيؤدي مع سهولة الوصول، إلى تدفق ما بين (12 – 15) مليون حاج إلى المشاعر المقدسة. وما يتغابى عنه مثل هذا المعتوه ليس إلا أن المساحة المكانية لنسك الحج ومشاعره مضبوطة شرعاً بحدود واضحة للمبيت أو الوقوف وهذه المساحة بالبرهان الجغرافي والديموغرافي لا تستطيع استقبال ولو مجرد ربع هذا الرقم، هذه الحقائق الجغرافية والرقمية هي صلب كل قرار العالم الإسلامي وليس قرار الدولة المشرفة على كل تفاصيل فريضة الركن. الذي لا تعلمه مثل هذه العقول الصخرية أن مبنى الجمرات في الحقائق الهندسية هو أكبر (كتلة خرسانية) متصلة في تاريخ كل العمران البشري وأن المشروع الجاري لحلول كثافة الطواف على الكعبة المشرفة هو أغلى مشروع في كل تاريخ الكون من حيث التكلفة والصرف المالي. وكلنا يعلم أن صلب هذه الفريضة المقدسة هو أن تقف على نقطة جغرافية أو أن ترمي إلى نقطة أخرى أو أن يطوف الحجاج حول نقطة ثابتة مقدسة وبهذه الحقائق الدينية يدار ما سيكون أصعب فكرة تدفق، ومرة أخرى في كل تاريخ التدفق البشري للاندفاع الوقتي (الزمني والمكاني) إلى نقاط ثابتة وبلا بدائل. ولأن الخالق عز وجل يعرف ما لا يعرفه بعض (خلقه) فقد فرضه في علاه للقادر: مرة واحدة.