لأنها تؤمن بأن الرياضة والإعلام وجهان لعملة واحدة، وهي لاعبة كرة قدم وصحفية، تأمل السعودية روح العرفج أن يسمح للرياضة النسائية في المملكة بأن تأخذ الطابع الرسمي تحت مظلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب، على اعتبار أن ظهور الأنشطة الرياضية، سيؤدي إلى تغطية الأحداث، وبالتالي ارتفاع عدد الزميلات في المهنة.
فالإعلامية الرياضية السعودية لا تزال تبحث عن إثبات الوجود من خلال ملتقيات خليجية وعالمية تساعدها على وضع قدم في هذا المجال الذي يعد حديثا بالنسبة للمجتمع في المملكة، وتسعى إلى تعزيز حضورها في الميادين المختلفة صحفية كانت أو رياضية في سبيل تحقيق طموحاتها وعلو كعبها أسوة بنظيراتها في الدول المجاورة.
بآمال متجددة لتخطي مزيد من العراقيل، حظيت الإعلاميات الرياضيات العربيات المشاركات في الملتقى السنوي الثامن بتونس، بدعم كبير من رئيسي الاتحاد الدولي والعربي للصحافة الرياضية جياني ميرلو ومحمد جميل عبدالقادر اللذين أبديا كامل الاستعداد لرفع نسبة الإناث العاملات في هذا المجال والتي لا تتجاوز 10% من الرجال.
"الوطن" حضرت فعاليات المؤتمر وخرجت بتجارب عدة لإعلاميات من السعودية والخليج والوطن العربي كافة، يواجهن الإحباط بلا خنوع، ويزداد لديهن النضوج المهني يوما بعد يوم.
غياب الرياضة النسائية
تعزو قائدة الفريق الكروي الأول بنادي التحدي بالرياض، الإعلامية السعودية في صحيفة "هي وهو" الإلكترونية روح العرفج، قلة عدد الإعلاميات السعوديات في المجال الرياضي إلى غياب الرياضة النسائية في المملكة، فتقول "لا يزال عدد الإعلاميات في المملكة منخفضا، وكي ينمو لا بد أن تأخذ الرياضة النسائية المجرى الرسمي لها، وهي بالتالي ستتطلب وجود إعلاميات لتغطية أحداثها ومجرياتها بصورة دورية، مما يعني ظهور صحفيات بشكل كبير نظير وجود مباريات كروية ومناسبات رياضية، فالرياضة والإعلام وجهان لعملة واحدة".
وتضيف: "من أسباب عدم وجود إعلاميات بكثرة في وسطنا المحلي، هو عدم تقبل المجتمع، على اعتبار أنه مجال ذكوري وجديد على النساء، وكل جديد من وجهة نظري يحتاج إلى وقت لقبوله والاعتراف به". وترى أن "هناك تقصيرا من جانب المرأة نفسها لأن البعض من النساء ينظر إلى هذا المجال بأنه لا يخصهن".
وتصف العرفج حضور الإعلاميات السعوديات في المؤتمر الأخير بأنه مختلف حيث استفدن من تجارب عملية للزميلات من الوطن العربي اللاتي سبقن نظيراتهن في المملكة، وأتاح الملتقى لهن تبادل الخبرات التي من شأنها المساهمة في تأهيل إعلاميات رياضيات سعوديات مستقبلا.
نقل المباريات تلفزيونيا
وعلى العكس، تجد الزميلة الكويتية عواطف الخضر الطريق معبدا أمام الإعلاميات في الكويت ومحفزا لممارسة الرياضة في مختلف الألعاب وفي مقدمتها كرة القدم التي تحظى بنقل مباشر في القنوات التلفزيونية الوطنية، والمجال لا يقتصر على لعبة معينة فهو مفتوح حتى إن هناك من تمارس الألعاب العنيفة كحمل الأثقال ورمي الجلة. وتوضح "ليست هناك مشكلة في الكويت، بل إن الاهتمام بالرياضة ازداد في الفترة الأخيرة كثيرا بعدما انتشرت السمنة بين النساء. وبدورنا كإعلاميات رغم أننا لا نزال قلة، توجهنا إلى اتحادنا الرياضي للمطالبة بهوية موحدة للدخول بها إلى أي مكان لتغطية الحدث. والرجل يقف داعما ومحفزا لنا". وعن الملتقى، تقول: "نتمنى ألا تقتصر الملتقيات على المحاضرات النظرية بل أيضا على زيارات ميدانية للملاعب والمراكز الرياضية حتى يتسنى للإعلاميات التعرف على قوانين كل لعبة وتعلم كيفية تغطيتها مهنيا وكسب الخبرات من التجارب العملية. وهذا دور مطلوب من وجهة نظري من الدولة المستضيفة كما فعلت فلسطين مؤخرا حينما أعدت برامج وزيارات اشتملت على حضور الملاعب ومتابعة المباريات".
تحدياتنا متشابهة
وتؤكد الإعلامية البحرينية شيخة الشعلان أن الملتقى كان فرصة طيبة للتلاقي ومد جسور تواصل أكبر بين الإعلاميات في مجال الرياضة وإيجاد وسائل أكثر فاعلية لتحقيق دعم أكبر لهن في هذا المجال الذكوري في مختلف أقطار الوطن العربي.
وتعرب الشعلان عن شكرها للجنة الأولمبية التونسية لاحتضان هذا الملتقى والاتحاد العربي للصحافة الرياضية الذي يساهم بشكل كبير في إيجاد برامج وطرق لتمكين المرأة الإعلامية العاملة في الرياضة.
وتقول: "أعتقد أن التحديات تتشابه في خطوطها العريضة وتختلف في التفاصيل بحكم الظروف الخاصة بكل بلد عربي، ولعل التجربة البحرينية متطورة بعض الشيء خصوصا بالنسبة لفتح المجال الإعلامي أمام المرأة بكافة مجالاته، وتمثيلها في انتخابات جمعية الصحفيين، ووصولها لمجلس الإدارة ورئاسة الجمعية بالانتخاب، الأمر الذي يؤكد قناعة الإعلامي البحريني بدور زميلته البحرينية في دعم وتطوير العمل الصحفي والإعلامي بشكل عام في البحرين، ولما تتمتع به من كفاءة وقدرات تجعلها على ذات القدر من المنافسة مع الرجل".
وتتابع "بالنسبة للإعلام الرياضي، أرى أن ذكورية الأجواء الرياضية نفسها هي التي تصعب من دخول المرأة إلى هذا المجال، خصوصا أن الإعلاميات البحرينيات نتاج مجتمع لا يزال شرقيا ومحافظا على الرغم من مساحة الفكر المتحرر والمؤمن بدور المرأة".
وتستطرد "من يتابع المشهد الرياضي البحريني، يجد الإعلامية حاضرة في جميع المشاهد في مختلف الألعاب كمصورة فوتوجرافية أو تلفزيونية أو مراسلة صحفية أو حتى إدارية في مجال العلاقات العامة، ولكن بحضور متواضع. نحن بحاجة لدعم وجود كادر إعلامي نسائي في الأقسام الرياضية في صحفنا المحلية وتزويد القناة الرياضية البحرينية بطاقم إعلامي نسائي في الإعداد والتقديم".
وتختم "أعتقد أن البحرين تسير بخطى حثيثة في سبيل تحقيق ذلك، ودور خاص بالإعلاميات أنفسهن لدعم بعضهن ورفع مستوى الثقافة الرياضية لديهن مع اعتماد المهنية لتحسين الأداء. وقد سعت حكومة البحرين ممثلة في المجلس الأعلى للمرأة إلى تبني سياسات لتمكين المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا مما نتج عنه وصول إحدى الرموز الرياضية البحرينية إلى قبة البرلمان عن طريق الانتخاب الحر وهي السيدة سوسن تقوي، المعروفة على مستوى القارة الآسيوية بنشاطها الرياضي. ومن المؤكد أن المجتمع الذي وضع ثقته بشخصية رياضية نسائية تمثله في أهم سلطة في الدولة هي التشريعية، لن يواجه مشكلة في تقبل وتبني عطاءات الإعلامية الرياضية".
فسح المجال للسعوديات
ويطالب المشرف العام لصحيفة "هي وهو" الرياضية الإلكترنية أحمد المرزوقي الغامدي الذي تواجد في الملتقى بدعم المرأة الرياضية والإعلامية السعودية، وذلك بفسح المجال أمام الفتيات في المملكة لممارسة الرياضة، الأمر الذي سيؤدي إلى حضور إعلامي نسائي. فيقول "إن غياب الرياضة النسائية في المملكة أدى إلى عدم ظهور إعلاميات رياضيات رغم وجودها في مجالات أخرى. ليس هذا فحسب، بل إن الغياب منبعه كذلك خجلها من نظرة الرجل لها الذي يرى أن الرياضة تقتصر عليه، فباتت تهرب من شعور المجتمع لها بالازدراء".
ويضيف: "آمل أن تفتح الرئاسة العامة لرعاية الشباب ذراعيها لاحتضان الرياضة النسائية تحت مظلتها بصورة رسمية حيث إن ممارستها لهواياتها في مختلف الألعاب تحت منظومة حكومية سيعكس الصورة الحقيقية لها أمام المجتمع، ويساهم بالتالي في تأهيل الرياضيات وكذلك الإعلاميات في هذا المجال الحيوي الذي لا يقل أهمية عن الأنشطة الأخرى كالثقافية والاجتماعية. كما أنه سيعمل على حماية الفتيات بتوفير أماكن مخصصة لهن بمتابعة ورقابة منشأة الدولة".
وعن سبب تأسيس صحيفة "هي وهو" المتخصصة بالرياضة النسائية في المملكة، قال: "أسعى لتوصيل صوت المرأة وهذه هي رسالتي الأولى. وأدعو جميع الفتيات اللواتي يرغبن في ممارسة الرياضة أو العمل الصحفي إلى اجتماع لمنح الفرصة للجميع من خلال الصحيفة، فالرياضة والإعلام يكملان بعضهما، ومن الضروري إزالة الخوف بالمواجهة".
وحول مشاركة الإعلاميات السعوديات في الملتقى، قال: "تحتاج إعلامياتنا إلى الالتقاء بصفة دورية لأن حضورهن لمثل هذه المؤتمرات، يساعد في تنمية العدد والاستفادة من ذوي الخبرات، ونقل المعلومات، خصوصا أن الوسط السعودي في حاجة لهن".
تقارب وألفة ومحبة
من جهته، يؤكد الأمين العام للاتحاد العربي للصحافة الرياضية، رئيس القسم الرياضي بصحيفة العرب اليوم الأردنية عوني فريج أن الملتقيات تحقق أهدافها من خلال تعزيز القيم الغائبة عن الإعلاميات وتساهم في تنمية قدراتهن العملية، كما أنها تخلق روحا من المحبة والألفة والتقارب بين زميلات المهنة في أرجاء الوطن العربي الكبير. ويستطرد: "هذه الملتقيات لا تخلق إعلاميات كون هذا من مهمة المواقع التي يعملن بها، لكنها تلم شملهن للالتقاء في مكان واحد وتساعد على التعارف ببعضهن حيث إنهن لا يتجمعن إلا في المحافل التنافسية التي لا توفر لهن فرصة تبادل المعلومات والأحاديث لانشغالهن خلالها بتغطية الأحداث".
ويتابع: "نحن نسعى للاجتماع للاستفادة من المحاضرات النظرية التي يقدمها لهن كبار الخبراء في المجال، ووجدنا أن المشاركات يردن الحصول على دورات ورش عملية وزيارة مواقع إعلامية تلفزيونية وإذاعية وصحفية للاطلاع الكامل وعن قرب على كيفية تغطية الأحداث الرياضية، فوضعناها من ضمن التوصيات لمؤتمر تونس لتفعيلها في الملتقى المقبل الذي سيقام في عمان بالأردن".
ويرجع فريج قلة عدد الإعلاميات الرياضيات إلى صعوبة هذا المجال الذي يتطلب جهدا كبيرا وتأخرا في الوقت حيث تبدأ المنافسات الرياضية مساء، "رغم أن المجتمع الأردني لا يرى عيبا في ممارسة الفتاة للرياضة أو الإعلام، إلا أن طبيعة هذا العمل لا يتفق مع الكثيرات، وتوجد واحدة استطاعت بالفعل التغلب على هذه المشكلة هي الإعلامية الأردنية هبة الصباغ، فالإعلام الرياضي يتطلب أن لا تعير الفتاة أي اهتمام بالعلاقات الاجتماعية أو شؤون المنزل وتتفرغ للعمل، وهذا يصعب على كثير منهن".
تقدم وعدم استكانة
من جانبه، يشير الإعلامي الفلسطيني محمد اللحام إلى أن الملتقى تميز هذا العام بنضوج في نوعية المشاركات حسب ما لمس خلال فعاليات في تونس، ويقول "لاحظت أن المسميات أصبحت أقرب للمهنة كمحررات ومراسلات ورئيسات أقسام رياضية ومعدات برامج بعد أن كانت تتعلق بجهات وزارية أو اتحادات وطنية، فهناك تقدم ومحاولات لكسر الحاجز وعدم استكانة أو انتظار لأخذ الفرصة من الرجال، فالزميلات اقتحمن المجال بقوة، وإن كنت لا أسميها (انتفاضة) بل تقدما".
ويضيف: "لاحظت وجود إعلاميات من دول لم تكن حاضرة قبل عامين كفلسطين والسعودية والبحرين وقطر بجانب الدول العربية الأخرى، والبعض منهن وصلن إلى مستوى التحليق في الإعلام الرياضي، فيما يبدأ البعض الآخر في مرحلة الاستنهاض".
وعن سبب غياب الإعلامية عن المناصب الإدارية في المؤسسات الصحفية، يقول: "لا تزال المرأة تعمل كمراسلة صحفية دون أن تقتحم عالم التحرير بقوة أو إدارة الأقسام، وهذا لا يرجع لضعف قدراتها، إنما لغياب التخصص حتى بين الرجال، فما زال الوسط الإعلامي يعاني من عدم وجود الكوادر المتخصصة خاصة في إعداد البرامج التلفزيونية. والمرأة تبوأت مناصب إعلامية كمديرات إنتاج وبرامج إنما لا يزال الإعلام التجاري يركز على الشكل الخارجي أكثر من المضمون، ويوجد (استغلال) لها بتعيينها كمراسلة ميدانية أو مذيعة أخبار أو مقدمة برامج".
ويعرب اللحام عن تفاؤله بأن يأتي الوقت الذي تتوسع فيه قاعدة الإعلاميات وتبرز نماذج جيدة، معربا استياءه من نظرة الرجل إلى أن المرأة الإعلامية لا تجيد قوانين الألعاب أو التحليل الفني، مؤكدا أن هناك أعمالا جيدة للبعض وتقارير متميزة تفرض نفسها، لأن أولئك اللاتي يتهمن بعد الفهم لم يستمررن في العمل، فالإعلام أصبح اليوم صناعة، والجهات التجارية تستقطب الكفاءات لأنها تبحث عن تحقيق الربح، ولن تسمح باستمرار من طرق الإعلام بالواسطة أو المجاملة".