لست في مقام السرد، فالمشهد أقرب إلى الإعجاز المتتالي، بتلك التوسعة العملاقة، والتنمية التي لا تعرف الهدوء.. أتذوق تجربة الحج من أبعادها التنموية الفريدة من نوعها، على الصعيد التاريخي للدولة السعودية، وعلى مستوى وطني يفخر به كل مواطن، ونترقب التوسعة بالمسجد الحرام والمشاعر المقدسة، التي يحرص عليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ـ حفظه الله ـ لتستوعب ملايين المصلين وضيوف الرحمن، وهي أكبر توسعة للحرمين الشريفين.
المعلومات التي لم نحتفل بها كما يليق بالإنجاز العملاق ـ وهذا تقصير منا ـ والإنجازات لا تحتويها المقالة، أحاول تقديم أبرز ما تم لخدمة ضيوف الرحمن ويروى في الأخبار كأنه معلومة عادية، بينما لو كان في دول أخرى، ربعه فقط، لعملت حملات التسويق على تحويله إلى أعجوبة عصرنا.
جسر الجمرات تحفة معمارية تؤكدها وتبرز الفروق بمشاهدة أي صور قديمة ما قبل حقبة الجسر، ولا يوجد مقارنة، فقد أسهم في خفض التدافع والزحام، بطوابقه الخمسة، والاستعداد في حال الاحتياج للوصول إلى 12 طابقا من خلال تصميم المشروع على أساسات تتحمل ذلك وتستوعب خمسة ملايين حاج مستقبلا.. الإبداع يكمن في توفير المشروع 11 مدخلا للجمرات، ونحو 12 مخرجا في الاتجاهات الأربعة، على أن يفوج نحو 100 ألف حاج في الساعة بالطابق الأرضي للجسر، ونحو 80 ألف حاج في الساعة بالدور الأول، و60 ألفا في كل من الطابقين الثاني والثالث. والجسر مزود بمهبط لطائرات مروحية لحالات الطوارئ.. أريد تجربة تاريخية أو عالمية تضاهي هذه التجربة!
المستقبل واعد من خلال مشاريع التطوير العمراني لجبل عمر، وجبل خندمة، وجبل الكعبة، وطريق الملك عبدالعزيز الموازي، ومشروع قطار الحرمين السريع، ومشروع تطوير ومعالجة الأحياء العشوائية، التي اكتملت بمشروع النقل العام بالقطارات والحافلات في مكة.
خدمة ضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين، من خلال إيلاء المسجد الحرام والمسجد النبوي، والمشاعر المقدسة في عرفة ومزدلفة ومنى والمواقيت المكانية التي حددها النبي صلى الله عليه وسلم، بإعمارها وتوسعتها وتيسير الطرق إليها وتأمينها بما يحتاجه الحاج، وهي من الإنجازات السعودية التي لم أفهم لماذا يتم تداولها بفتور أو من البعض بتهجم واستنقاص.. وفي ذروة من ذروات الخلط، وشبهت مكة المكرمة بمدينة أميركية لا يليق مجرد استذكارها أثناء الحديث عن البقاع الطاهرة.. وموسم حج 1434.
هناك قصور من النخب، وطرح إعلامي برتابة، مع غياب لا يغتفر للبرامج الإبداعية المحفزة لإنتاج أفكار تسويقية خلاقة، مما خلف لدينا فجوة معرفية تتعملق ولا بد من تحرك رشيد لردمها.. للحديث بقية.