الناقد الأكبر لأداء مؤسسات الدولة هو "الصحافة".. والناقم الأكبر على "الصحافة" هم أهلها.
أهل الصحافة ينتقدون أداء مؤسسات الدولة، فيجدون المسؤول المصلح الذي يقبل "النقد" كونه مرآة تعكس له عيوبه ليتفاداها.. ويجدون المسؤول المتعالي الذي لا يقبل نقدا ولا يلقي بالا للنقد علانية، بينما يأكل ويشرب معه ويشغل ذهنه غضبا لا بحثا عن إصلاح.. ويجدون المسؤول المتكبر الذي لا يقف عند حدود الغضب من النقد، بل يتعدى ذلك إلى التأليب ضد الصحفي والصحيفة، ولا يألو جهدا في إقناع مسؤوله الأكبر بأن انتقاد الصحافة كان انتقادا لـ"وطن" وإساءة لدولة.
أعرف مسؤولا غضب من تصرف "بعض" الصحفيين، وشك في أنهم ينتقدون لمآرب شخصية، فعمم الصورة على كل صحفيي منطقته، وأصبح يعامل كل صحفي بناء على ذلك.. وتحدثت مرة مع مسؤول صديق، فأرادني أن أقر بخطأ مادة صحفية، انتقدت إدارته دون أن يعرض لي ما يثبت صحة كلامه.
طريقة التعامل مع "الإعلام" تعود إلى "فكر" المسؤول وعقليته.. ومن الصعب معالجة العيوب؛ لأن الصحافة لا تمتلك سلطة سوى "تسليط الضوء"، لذلك فإن الحل في حماية الصحفيين بالأنظمة، وعبر هيئتهم التي ما تزال تعاني النوم السريري، وعبر ملتقيات الإعلاميين بالمساندة.
في الجنوب، استعان مدير إدارة الأحوال المدنية بمحافظة أبو عريش بالشرطة؛ لأن صحفيا التقط بعض الصور داخل مبنى إدارته، ما الجريمة؟ وأين دور وزارة الإعلام المخولة بسن قوانين العمل الإعلامي؟ وماذا فعلت هيئة الصحفيين تجاه المساس بالصحافة؟
وفي الجنوب، استوقفت الدوريات الأمنية الزميل القدير علي الموسى، بتهمة زيارة دار أيتام بجازان إثر شكوى مدير الدار، لماذا الخوف من زيارة صحفي لا يحمل سوى قلم؟ وماذا قدمت هيئة الصحفيين لهيبتها المنتهكة؟ وأين هي جمعية الرأي للكتاب التي يبدو أنها تسير باتجاه سرير هيئة الصحفيين؟
في الطرف الشمالي، استقال عدد من إعلاميي منطقة تبوك من ملتقاهم؛ لأنه وقف متفرجا على ما يعانونه من ضغوط ومضايقات من بعض الجهات الحكومية أثناء تغطيتهم الصحفية لأحداث وقعت في تبوك، منها حادثة هروب نزيلات من دار الشؤون الاجتماعية.
(بين قوسين)
إظهار السلبيات في الإعلام ليس دناءة وليس خبثا.. بل هو حب لـ"الوطن" وخوف على بلد من عوارض الفساد.