سالم العلياني
طالب دكتوراه - أميركا
ننادى بين الحين والآخر بالإصلاح، فتُقام المحاضرات وتُؤلف المؤلفات وتعقد ورش العمل ويتداعى الكل للتنمية والتطوير، وتوضع الحلول وتقوم المشاريع وتعتمد الميزانيات وتحدد البدايات والنهايات ويستبشر الناس. ثم تنتهي المدة وتطير الملايين المملينة ويختفي المسؤول و"كما بدأنا أول خلق نعيده". فيتضجر الناس ويُنقد المسؤول ويتساءل الكل أين "المال"؟! لماذا لم تنجح كل هذه المشاريع، التي أجزم أن من قام عليها كان يحلم بنجاحها ويتمناها، لن أزايد على وطنية أحد ولن أظن بالمسؤول إلا ما أظن بنفسي من الخير إن شاء الله، لكن من حقي وحق أي مواطن أن يسأل: أين الخلل؟
مشكلتنا أننا ما زلنا نعمل بنفس الهيكلة الإدارية الأولى، فوزارة الزراعة التي تضع قوانين الزراعة في حائل هي التي تضعها في عسير، ووزارة التعليم التي تفرض طابور الصباح في صقيع الشمال تقيس درجة الحرارة في الرياض، ووزارة الخدمة المدنية التي تفرض السلم الوظيفي للدولة، لم تأخذ في الحسبان القرية النائية التي لم تصل لها الحضارة الموجودة في الدمام، ورعاية الشباب التي اهتمت بشباب هذه المدينة نسيت أن مدينة طرفية ما زالت تتطلع لملعب على ورق من ثلاثين سنة.
معضلتنا أنه "ماجعل الله لرجلٍ من قلبين في جوفه". معضلتنا هي المركزية التي تأصلت في كل شيء. مشكلتنا أن بعض المسؤولين التنفيذيين يرسلون الأوامر بالفاكس لمناطق وقرى لم يزوروها يوما نعم! إذا أردنا أن يتم لنا التطوير المنشود، فلابد أن تتنافس المحافظات والمدن فيما بينها وستتنافس الجامعات لخدمة محيطها، ليتفرغ المسؤولون للمراقبة والتقييم ومن ثم المحاسبة.
ولأنني أستبشر بما يتم اليوم من "تغيير"، فإنني آمل أن "تكسر" حدة المركزية بقرارٍ تاريخي يبدأ فيه الوطن رحلة أخرى نحو المجد.