يقول رئيس وزراء بريطانيا الأسبق "المدخن الشره الذي يقرأ الكثير عن أخطار التدخين لابد أن يقلع يوما عن القراءة" وليس عن التدخين، لأن طريقة الكتابة والتحذير والتوعية ثبت فشلها عمليا".
لهذا أصدرت الحكومة البريطانية صيف 2007م قانونا صارما يمنع التدخين في جميع الأماكن العامة، إضافة إلى الضرائب المرتفعة باستمرار على منتجات التبغ، الأمر الذي أتاح الفرصة لعدد من الطلاب السعوديين بالتوقف عن التدخين، وقد كشفت عدة دراسات بريطانية أن المواقف تجاه التدخين عموما أصبحت سلبية أكثر من أي وقت مضى، وقلت نسب المدخنين بشكل عام، لاسيما وأن آلاف المبتعثين جزء من هذا المجتمع البريطاني حاليا.
وبالرغم من مرض الربو الذي يلازم "نايف" منذ الصغر إلا أن جميع محاولاته للإقلاع عن التدخين أو الشيشة قبل وصوله إلى بريطانيا كانت فاشلة، حيث يقول: "في كل مرة أتوقف أعود مرة أخرى بسبب انتشار التدخين في الأماكن العامة، كالمقاهي والمطاعم، وبالذات في الاستراحات التي أرتادها وألتقي الأصدقاء فيها، ولأن أصدقائي مدخنون، ولا يوجد مكان يمنعنا، فإني سرعان ما أعود للتدخين مرة أخرى".
إلا أن وصول نايف إلى بريطانيا عام 2008م بعد عام واحد من القرار البريطاني ساعده كثيرا، حيث لا تنتشر مقاهي الشيشة كما في المملكة، وحتى عند لقائه بالطلاب السعوديين الآخرين، وخاصة المدخنين منهم، فالجميع لا يدخن في الأماكن العامة كالمقاهي، والأسواق، وأحيانا حتى الحدائق.
ويضيف نايف أنه وفي بداية الأمر وجدها فرصة مناسبة للتقليل من نسبة التدخين إلى أن توقف عنه نهائيا قبيل عودته للسعودية نهاية هذا الشهر.
أما "حمد" فكان يحرص على شراء السجائر من السعودية وتخزينها بسبب إدمانه عليها، ويقول إن السجائر المستوردة في بريطانيا خفيفة جدا، وليس لها نفس القوة والطعم بالمملكة، معتقدا أنها لا تحتوي على نفس المواد الكيميائية المصنعة لسجائر السوق السعودي.
"حمد" أصبح لا يدخن بنفس الشراهة التي اعتاد عليها بالسعودية بسبب منع التدخين في كافة الأماكن العامة في بريطانيا، ويقول إن رضوخه بالنهاية لتدخين السجائر المباعة في بريطانيا ساعده شيئا ما في التقليل من التدخين، لأنها لا تحتوي على نفس التركيز الكيميائي الذي يجعل من الصعب الإقلاع عنها أو حتى التقليل منها في السعودية.
ووفقا لتجربته الخاصة قال حمد "لا يوجد نظام واضح لدينا يمنع أو يكشف تلاعب مصنعي السجائر بنسبة النيكوتين، أو إضافة أول أكسيد الكربون في السجائر، ولهذا فإن السجائر المنتجة للسوق السعودي تخلق حالة إدمان مستمرة عند المدخن".
وأضاف أن "المراقبة الشديدة من قبل الحكومة البريطانية على صناعة السجائر اضطرتني أنا وأصدقائي المبتعثين المدخنين إلى جلب عدد كبير من السجائر عند السفر، ولكن في نهاية المطاف كانت عملية متعبة"، مشيراً إلى أن انضمامه لناد رياضي ساعده كثيرا في الابتعاد عن التدخين نهائيا.
ويقول سامي وهو مبتعث تمكن من التوقف عن التدخين قبل شهرين إن الضرائب العالية التي تفرضها الحكومة البريطانية على السجائر ساعدته كثيرا ليفكر في التقليل منه في البداية.
ويضيف أن "سعر علبة السجائر الواحدة في بريطانيا أكثر من 40 ريالا، أي أربعة أضعاف السعر بالسعودية، إضافة إلى الحملات الصادمة ضد التدخين كصور الضحايا والأورام السرطانية على علب السجائر، الأمر الذي يخلق حالة تقزز مستمرة عند التدخين".
وأشار سامي أيضا إلى صعوبة التدخين في كثير من الأماكن، وخاصة الفنادق، أو حتى البيوت التي يستأجرها الطلاب، حيث يشترط بعض أصحاب الشقق عدم التدخين إطلاقا وإلا إلغاء عقد الإيجار والطرد.
بينما يقول باسم وهو أب لثلاثة أطفال إن منع التدخين في كافة الأماكن العامة في بريطانيا ساعده نوعا ما في التقليل منه بداية الأمر، إلا أن السبب الرئيس يرجع إلى مكوثه وقتا أطول بين أولاده ومع زوجته، حيث اعتاد ألا يدخن أمامهم، وذلك بخلاف نظامه اليومي بالسعودية، حيث كان يقضي وقتا أطول مع أصدقائه خارج البيت. الأمر الذي كان سببا في عدم قدرته على مجرد التفكير في الإقلاع عن التدخين.
يذكر أن منظمات الصحة وجمعيات مكافحة التدخين في أوروبا تطالب دائما شركات التبغ بالكشف عن كمية النيكوتين في كل سيجارة، لأن هذه المادة تساعد على إدمان التبغ، وتجعل من الصعب التوقف، كما أن دراسات طبية كشفت عن ارتفاع كمية النيكوتين في السجائر التي ينتجها ويصدرها كبار مصنعي السجائر بالعالم إلى دول كثيرة من بينها السعودية.