هناك دائما فهم ملتبس بين طرفي العملية الإعلامية "الحكومة" و"الوسيلة"، في تحديد الحدود والمفاهيم الأساسية، التي تبنى عليها العملية الاتصالية الإخبارية، فمن جانب، تتهم الحكومات دائما بأنها تفرض أجندتها وسياساتها التي تحد من حرية التعبير، بينما تتهم الوسائل بأنها تسعى للعمل دون ضابط وبحرية مطلقة، معتمدة في ذلك على حقها في حرية التعبير في وقت تسمح لنفسها في التجاوز والعمل بأجندتها التي لا تصب دائما في خانة الحقيقة والموضوعية.
من هنا، كان الملتقى الذي نظمته هيئة شؤون الإعلام في مملكة البحرين مؤخرا بعنوان "ملتقى الإعلام الخليجي الأول - وسائل الإعلام والاتصال والأمن القومي" كمناسبة لالتقاء طرفي العملية الإعلامية؛ لبحث الملفات الشائكة التي تختلف حولها الأطراف، خاصة في وقت تشهد المنطقة فيه حالة من التوتر الإقليمي، وصراعا ذا تأثير خطير على كيان الدول العربية، عبر تهديد أطراف يبنون خططهم العدائية من منطلقات قومية وهيمنة تحركها نوازع التاريخ والطائفة.
الجلسات التي تحدث فيها عدد من الإعلاميين البارزين، تناولت مواضيع متنوعة كحق وسائل الإعلام في ممارسة المهنة، وحدودها في الالتزام بالحفاظ على الأمن القومي، وحرية التعبير في وسائل التواصل الاجتماعي، وعلاقة ذلك بالحفاظ على الأمن القومي، إضافة لطبيعة المحتوى الإلكتروني في وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب مسألة التشريعات الإعلامية بين ضمان حرية الرأى والتعبير والحفاظ على الأمن القومي تحدث حولها وزراء الإعلام بدول الخليج.
اللافت كان الرأي الرسمي في مسألة علاقة التشريعات بحرية التعبير، إذ قال الوزير عبدالعزيز خوجة في مداخلته "يجب أن تنظم تشريعات لممارسة العمل الإعلامي في الفضاء الإلكتروني، وأن التشريعات هي لحماية من يقوم بممارسة هذا العمل والناشر الإلكتروني والمواطن والمستهلك".. في حين قالت الوزيرة سميرة رجب وزيرة الدولة لشؤون الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة البحرينية، إنه لا يمكن تقييد الحريات من خلال التشريعات، ولكن التشريعات تكون منظمة للممارسات، وهما رأيان أقرؤهما بأنهما تصريحان واضحان، بأن الرقابة أمر يجب ألا يخضع للتقدير الشخصي والرأي المسيس، بحجج المس بالأمن الوطني أو تأليب الرأي العام أو أي من الحجج التي لا تستند لمواد القانون وتشريعاته.
يجب أن يعمل الإعلام وفق نظام وتشريعات مكتوبة ومصاغة بشكل لا يحتمل التفسير، عندها فقط سيكون الإعلام الرافد الأول للحقيقة لانتفاء الحاجة للمصادر التي لا تخضع للرقابة، والتي تتحكم اليوم بواقع الأخبار ونقل الصورة الحقيقية.