هذا الأسبوع احتفل "جوجل" بمرور 15 عاما على ولادته، وبدا وهو في سن المراهقة أكثر حكمة ومعرفة من ألوف السنين قبله. 15 عاما، تعني أن جميع الشباب الذين يرتادون الجامعات والمدارس اليوم هم من جيل "جوجل"، فأكبرهم سنا كان في الصفوف الابتدائية حين خرج هذا المارد من القمقم، ونحن -جيل ما قبل الإنترنت ومحركات البحث وجوجل- نعتبر بالنسبة لهم مثل إنسان العصر الحجري أو البرونزي أو كائنات مثل "طرزان"! حيث لا يتصورون كيف كنا نعيش في ذلك العالم البائس.. البدائي، الذي يستغرق البحث فيه عن معلومة تافهة، أو إحصائية لا قيمة لها؛ أياما وربما أشهرا أو سنوات، مع الكثير من المنّ والأذى من الجهة التي قد تتفضل وتعطيك المعلومة أو لا تفعل، بينما "جوجل" يعطيك إياها في جزء من الثانية وهو يشعر بالخجل الشديد، ويطرح عليك الخيارات، ويصحح لك طلبك الذي تكتبه بشكل خاطئ قائلا: "هل تقصد...".. يقيل عثرتك، ويرحم جهلك، ويسعد بسؤالك: "كأنك تعطيه الذي أنت سائله"!

15 عاما دخل فيها "جوجل" إلى حياتنا كتفصيل صغير بسيط ثم أصبح سيد التفاصيل كلها، صار مدرستنا، وجامعتنا، ومكتبتنا، أول من نلتفت إليه حين يداهمنا سؤال.. أي سؤال! صار لنا كالأب للطفل الذي يستكشف الحياة في أولى سنواته، الطفل يٌكثر الأسئلة، والأب يجيب راضيا، مهما كان السؤال محرجا أو خطرا، عاريا، أو مجدّفا! نثقل كاهله بأكثر من مائة مليار عملية بحث شهريا، وما زال كلما أخطأنا يحدب علينا سائلا: هل تقصد...؟