مواقع كثيرة تبعث إشارات الخطر.. لا أحد يتلفت نحوها إلا حين وقع الخطر.. وما أجملنا حينذاك.. ما أسرعنا حين وقوع الأزمات.. ما أروعنا لحظة ظهور المشاكل على السطح.. نبادر فوراً للتدخل.. نشخص إلى الموقع.. نطلق التصريحات.. نستخرج القوانين من الأدراج.. ونبدأ على الفور في علاج المشكلة مهما كانت كبيرة.. تتوفر بقدرة قادر البنود والمخصصات والأموال!
مازال يصيبني القلق على سلامة الأطفال في بلادي.. هاكم النوافذ في الأدوار العليا في الفنادق، مازلت أتساءل: لماذا لا يتم تعديل اشتراطات السلامة ويتم إلزامها بوضع أسوار بمواصفات خاصة يسهل فتحها عند الضرورة؟!
تنقل الصحافة عن أحد المواطنين قوله قبل يومين: قررت الذهاب إلى أحد الفنادق لتناول وجبة العشاء.. كان المطعم في الدور العاشر.. كانت ابنتي "ألين" ذات الأربع سنوات الطفلة تركض فوضعت يدها على شريط أحمر يفصلها عن منطقة صيانة.. ما إن وضعت يدها على الشريط حتى سقطت من الدور العاشر إلى الدور الأرضي، لتلقى حتفها على الفور!
أنا متأكد أن الخطأ تم علاجه فوراً، وتم وضع سياج متين يحمي الناس من السقوط.. لا بد أن نحسن الظن؛ الرغبة كانت موجودة لديهم.. هم فقط كانوا بحاجة كي تأتي "ألين" وتسقط وتموت، لتوقظهم من نومهم.. وكثيرون غيرهم في مناطق أخرى ينتظرون ضحايا جددا..
مازلت على قناعة أن الحلول المبنية على ردة الفعل قد تنتج لنا حلولا.. لكن عيبها أنها حلول مبنية على لحظة وقوع الفعل.. قد تغلب عليها العاطفة.. المطلوب آلية واضحة.. حركة ليس لها علاقة بالمؤثرات والضحايا والحوادث.. أن نتخيل المشكلة ونتحرك قبل وقوعها..