تغريد حسن مجرشي
مبتعثة
قاعة مترامية الأطراف، مذهلة حد أن تقف صامتا لتشبع عينيك بهذا الصرح الرائع، لا تختلف جمالا وتنوعا عن أرواح المتواجدين بها من مبتعثات ومبتعثين طرزوا سير حياتهم بنجاحات متتالية بنيت في البدء على إخفاقات وغربة وألم وانكسارات ودموع. هذا ببساطة ماعايشته ولمسته أثنا حضوري مؤتمرا متجاوزا في شيكاغو في أبريل المنصرم.
أحسست بخليط متناقض من مشاعر الفخر والاعتزاز‘ولا أخفيكم بأنني شعرت لوهلة صغيرة بخوف وترقب من ما سوف تحمله الأيام من مفاجآت لهذا الإعصار الفكري المتنوع الذي يحمله المبتعثون والمبتعثات وقت العودة لأرض الوطن والانغماس في المجال الوظيفي.
مشاعر الفخر والاعتزاز ملأت جوارحي عندما كنت أنصت لحكايا المبتعثين والمسؤولين كأمثال عبدالله جمعة وغادة الغنيم وعلي شاكر وعبدالعزيز المنصوري والدكتورة سمر السقاف وصالح الثبيتي وعبدالعزيز الحمدان، وغسان الحيدري، وحمزة جمجوم. وهم يسردون ببساطة وعفوية قصص نجاحاتهم، وأدركت وقتها أن مع الإصرار والأمل لا يوجد المستحيل. وأن المستحيل نحن من نصنعه ونخلقه بأنفسنا عندما نضع طموحاتنا وآمالنا في حيز ضيق، وعندما نبدأ في تحقيق أحلام غيرنا من دون النظر عميقا لما نريد نحن.
رحلة الابتعاث تعد تحديا واختبارا لكل مبتعث ومبتعثة، قطع آلاف المسافات ‘وتغرب روحيا قبل أن يتغرب جسديا عمن أحب وأني متأكدة بأن كل شخص تواجد في مؤتمر متجاوز يحمل قدرا كبيرا من الأحلام والطموحات‘ وإن بساطة السرد وعفويته في طرح ومشاركة القصص التي مر بها المشاركون بالمؤتمر، قد لامست الكثير من الحاضرين كما لامستني شخصيا.
بساطة الطرح وعفويته اللتين مارسهما كل المشاركين، بدءا من الملحق الثقافي الدكتور محمد العيسى الذي حاول إيصال عدة أفكار ضمنية للمبتعثين من خلال مظهره البسيط الذي امتاز به وبطريقته الفكاهية في السرد، وانتهاء بدموع شاكر علي وهو يروي قصته بألم ومرارة وشجاعة لا متناهية؛ عندما واجهه هذا الكم الغفير من الحضور وروى ببساطة قصته التي طالما حاول الهروب منها ليضع ذاته قبل كل شيء أمام تحدي الحقيقة التي ظل يصارعها ويخفيها طويلا إلى أن أرداها قتيلة وضرجها بدموع حارة أمام الكل.
كل شكري وتقديري للقائمين والمتطوعين في هذا العمل الجبار الذي أومض بداخلي شمعة أمل؛ بأن هناك جيلا قادما كإعصار متنوع الرؤى والأفكار والطموحات والتطلعات. وأن الاستثمار البشري الذي راهن عليه القائمون على برنامج الابتعاث أفضل أنواع الاستثمارات.
ويظل سؤالي الملح هنا هل ستكون المملكة قادرة على استيعاب وتقبل هذا الكم من الاختلاف والتنوع الفكري الذي يحمله المبتعثون والمبتعثات؟