كما احتفلنا في الاثنين الماضي وفي كل يوم من أيام وطننا العامر، وبكل ذرة من ترابه ومستقبله المجيد ليبقى ساحة خضراء نقيّاً من الشوائب كما ورثناه وكرد وفاءٍ على جبين عطاءاته التي رضعناها حتى يكون أنموذجا في البناء والتشييد بطريقةٍ لا تحيد أبداً عن النعيم تحت ظله الوارف خلوداً، وبما تسمو به الأوطان عليّاً؛ وفي خط متوازٍ نحو "شرقٍ" جميل من عطاءات الأوطان أستبيح المدى لمشاركة دولة محافظة على "حفظ ماء الوجه" لبناء أمتنا الإسلامية وحضارتها الحديثة احتفاء وفخراً بها وبمنجزاتها المتعددة، والآسرة لكل من وطأ أرضها زائراً أو مقيماً أو موفداً وعاملاً بها.. باختصار، سيكون غداً رئيس الوزراء الماليزي السيد نجيب عبدالرزاق أول المشاركين في احتفالات يوم تأسيس ماليزيا التي سـتقام في ولاية "صباح وساراواك"، وهو يوم خاص للأحبة الماليزيين لاستقبال الذكرى الخمسين ليوم تأسيس "ماليزيا".. يقول "الأنيق" السيد نجيب رزاق بنشوة فخرٍ وسلامٍ: "منذ أن حصلت هذه البلاد على الاسـتقلال يوم 31 أغسطس عام 1957 عاش هذا الشعب في وئام وسلام.. ثم اتبعه انضمام ولاية "صباح وساراواك" لتشكيل اتحاد ماليزيا يوم 16 سبتمبر عام 1963 والحمد لله هذا الاتحاد أتى بالكثير من النعم علينا وعلى وطننا والعالم جميعه..".
ومن هنا، لعلي أنتقل بالمناسبة وحجم الحدث إلى عدة منعطفات "سعودية - ماليزية" بدءاً من العودة إلى تاريخ العلاقات بين البلدين في ستينات القرن الماضي بعلاقات راسخة الجذور، حيث بدأت بزيارة الماليزيين عن طريق السفن منذ عهود طويلة لأداء مناسك الحج تحدها اتصالات ثنائية أيضاً، تمثلت أكثر بعد تبادل السفراء بين البلدين في منتصف عام 1961 بفتح سفارة للمملكة في كوالالمبور وسفارة لماليزيا في جدة، ثم شهدت العلاقات السياسية بين البلدين في مراحل عدة تطورات من التميز خلال السبعينات وتحديداً عندما لعبت ماليزيا دوراً مميّزاً إبان "حريق الأقصى" في أواخر الستينات في تأسيس وإنشاء "منظمة المؤتمر الإسلامي"، ثم توجت تلك المرحلة بزيارةٍ للملك فيصل ـ يرحمه الله ـ إلى ماليزيا عام 1970.. ثم زيارة أخرى لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عام 2003 لحضور القمة الإسلامية عندما كان وليّاً للعهد حينها.. ثم توجه في زيارته الأخيرة _حفظه الله_ عام 2006، والتي وصفها رئيس الوزراء حينها "عبدالله أحمد بدوي" بأنها: "انطلاقة حقيقية لتعزيز العلاقات السعودية الماليزية على كل الأصعدة. ولم تقتصر أهمية تلك الزيارة على تقوية الروابط السياسية والاقتصادية، وإنما لعبت دورا أساسيا في تعريف الشعب الماليزي أكثر بنظيره السعودي، وبالجوانب المضيئة في الثقافة السعودية، كما أن الشعب الماليزي يرغب في أن ينضم إلى إخوانه في المملكة العربية السعودية في تهنئة الملك المفدى على حكمته وديناميكيته في قيادته للأمة الإسلامية".
استمرت العلاقات تتميز بين الدولتين بكل ثقة ومتانة وتميز في جميع المجالات والأصعدة، حرصت فيها الحكومتان على بذل كافة الجهود للحفاظ على التميز في العلاقات والعمل والشراكات وعلى دفعها إلى الأمام من خلال وضع آليات متجددة، فالمملكة تحظى باحترام كبير ورائع لدى كافة الأوساط الرسمية والشعبية والتجمعات الإسلامية في ماليزيا، فهي بالنسبة لهم تشكل وحدة العقيدة الدينية والروابط الروحية، وكذلك بالنسبة للسعوديين فهم يفخرون بماليزيا كأنموذج إسلامي تنموي ويكنون لقياداته وشعبه الاحترام والتقدير المتبادل.
وفي المقابل المتين، يعيش في ماليزيا الآن أكثر من 3000 سعودي تقريباً بين دبلوماسيين وموفدين وطلاب مبتعثين أو دارسين على حسابهم الخاص أو حتى مقيمين!.. يعيشون تشابهاً إلى حد كبير في العادات والطقوس بين ماليزيا والمملكة لكون البلدان مسلمين.. وغيرها من الصفات الاجتماعية والسايكولوجية.. بالإضافة إلى تميّز التعليم في ماليزيا وتصنيفه المتقدم على مستوى آسيا علميّاً وأكاديميّاً وبحثيّاً؛ وهذا ما شجع آلاف الطلاب والطالبات السعوديين ليكونون ضمن 90 ألف طالب دوليّ لاختيار ماليزيا لإكمال تعليمهم الجامعي ودراساتهم العليا فيها، كما أن هناك تعاوناً وثيقاً بين الجامعات السعودية والماليزية في مجالات عدة وزيادات في تبادل الزيارات والخبرات العلمية بين البلدين، الأمر الذي سيعزز من العلاقات الثقافية والتعليمية بين البلدين، وفي جانب مضيء آخر من العلاقة تحتضن الجامعات السعودية عدداً من الطلاب الماليزيين المميزين عبر برامج "المنح الدراسية" وكذلك عدداً جيّداً من الكوادر المميزة الماليزية من أعضاء هيئة التدريس بالجامعات السعودية والكوادر الطبية.
ولن يسعنا إلا أن نقول "ساتو" ماليزيا، التي تعد رمزاً لـ"ماليزيا الواحدة" نسبةً إلى تنوع أعراقها وتعددها وتعايشها وانصهارها.. وبعد الاحتفاء بماليزيا ووحدتها.. سنزيد في مقالنا القادم كيف نكون "ساتو" سعوديزيا؟!.