صاحب المعالي: أكتب لك الآن، وربما لا تعرف من أنا، وحتماً أنا لا أعرف من أنت، فأنا أكتب بعيد إفطار الأربعاء ومازال الكرسي الوزاري شاغراً حتى هذه اللحظة من الكتابة. كل القصة، صاحب المعالي، أننا جميعاً نعلم حجم الضغط الهائل الذي يشكله لوبي (الانتفاع) الذين يتضخمون بآلاف الأعذار تجاه القصة المؤلمة للسعودة. إما أن تقف ـ صاحب المعالي ـ مع حقائب التأشيرة وإما أن تقف في صف الآلاف من شبابنا الوطني الذين تتقاذفهم حمم البطالة وحمى الأنا المتضخمة في القطاع الخاص. صاحب المعالي: هذه بعض الحقائق: يشير الإحصاء السكاني الأخير إلى أن مجموع قوة العمل الوافدة تساوي بالضبط مجموع عدد السعوديين من الذكور. ويشير المنطق الناتج من دراسة هذه الإحصائية إلى أن كل سعودي في سن العمل والزحام على الوظيفة يواجه بالضبط ثلاثة رؤوس وافدة جاهزة، وهي نسبة واستنتاج لا يمكن هضمها تحت أي من الأعذار والظروف. هذه نسبة لم تحصل أبداً في بلد من بلدان الدنيا إلا إذا كان البعض يظن أننا مجردُ سكان فنادق مترفين ولم نعد بحاجة إلى الوظيفة. هو ذات المعامل المجنون الذي يفترض أن بأمريكا 150 مليون وافد أجنبي وأن في بريطانيا 30 مليون وافد من أهل التأشيرة. نحن فقط ووحدنا نغرد خارج السرب.

صاحب المعالي: نحن لثلاثين عاماً متصلة نباهي بأننا أكبر اقتصاد شرق أوسطي، ونحن اليوم نفاخر بقطاع خاص بناتج محلي سنوي يناهز ثلثي التريليون. قطاع خاص لا يدفع ريالاً واحداً من الضرائب، لأنها في عداد (الحرام) بينما الحلال المباح أن الوظائف المتاحة هي بدلات الحراسة الأمنية على أبواب الشركات والفنادق. صاحب المعالي، هيا بنا نذهب معا إلى مصانع ومكاتب السادة أعضاء الغرف التجارية، وهيا بنا نصلِ معا في مساجدهم لتكتشف أن (الأشمغة) مجرد منظر شاذ ونشاز بين هذا السواد الغالب من القوة البشرية الوافدة. صاحب المعالي: من المخجل تماماً حين نتصفح معا قوائم – فوربس– و – فورتشن – للأثرياء تجد أن أثرياءنا يتنافسون على قوائم الكون: 30 فرداً من بين أكبر 300 على وجه الأرض، وكل هؤلاء الثلاثين لا يوظفون ثلاثة آلاف مواطن سعودي، ولك أن تسألني عن براهيني وسأرسلها إليك عندما تطلبها. هؤلاء لم يصلوا لثرواتهم الهائلة إلا بفضل المال العام والاقتصاد العام القوي، وإلا فلماذا لم يكن الأثرياء من الصومال أو حتى من اليمن؟ هذه هي المسؤولية الأخلاقية علينا إذا رفض هذا القطاع الخاص أن يتحمل مسؤوليته.