بين قوسين من تمني الجنون وتحققه يتابع قارئ رواية (محلك سر) مصائر الطبقة الوسطى من خلال صداقة تجمع طفلتين منذ اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات، وعلى مدى 30 عاما ليصل إلى أن الزمن توقف ويراوح مكانه، حيث تبدأ الرواية من خرابة رجل مجنون وتنتهي بما يشبه "التخريب" للمجتمع.

اختارت الكاتبة المصرية سمر نور، أن تطل على هذه الفترة عبر وعي يتنامى للطفلتين لمى وصوفي، وهما تتشابهان في بعض الملامح النفسية وإن كانت ذاكرة لمى التي تعيش حلم يقظة ممتدا "أكثر تعقيدا"، أما ذاكرة صوفي فهي "أقرب إلى لوحة تشكيلية" تتيح للقريب منها فرصة التأمل، ولكنه سيكتشف أنها "مراوغة" وتقترب من التعقيد أيضا.

تبدأ الرواية بمراقبة لمى (أربعة أعوام) للشارع عبر الشرفة وتتحدث عن "سيد" المقيم في خرابة وهو رجل تولى تربية إخوته ثم أصيب بالجنون بعد أن طردوه "مثلما ألقى أبناء يعقوب بأخيهم يوسف في البئر"، وتشكل الأساطير عن سيد المجنون أمنية للطفلة لمى وهي في السادسة، حيث تقول لصوفي: إنها تحب حين تكبر أن تصير مجنونة.

وبعد 30 عاما سيكون الواقع المعقد كفيلا بتحقيق هذه الأمنية، وإن اتخذ الجنون القديم صورة كوابيس أو هوسا يدفع البطلة للعودة إلى "خرابة سيد" لإخراج الطفلة التي كونتها من الذاكرة التي تشكل عبئا عليها.

الرواية التي صدرت في القاهرة عن (دار النسيم للنشر والتوزيع) هي العمل الثالث لسمر نور بعد مجموعتين قصصيتين. وتقع في 187 صفحة متوسطة القطع منها عشر صفحات تضم عشر لوحات تشكيلية موازية لشخوص الرواية للتشكيلية المصرية حنان محفوظ.

والرواية تشبه الجولة التاريخية في ذاكرة الفتاتين عبر مراحل تضيف إلى عمريهما وعيا وخبرات وضغوطا اجتماعية تهربان منها إلى الماضي أو الخيال. ولا تخلو حياة الفتاتين من تمرد على الضغوط الاجتماعية أو الاستجابة لها.