في محافظة دير الزور في شرق سورية استغلت شبكة من القبائل والمهربين فوضى الحرب للانخراط في تجارة نفط غير مشروعة تجعل الآمال الأوروبية في شراء الخام من معارضي بشار الأسد بعيدة المنال. ونشرت قبائل ذات نفوذ مقاتلين مسلحين حول منشآت إنتاج النفط وخطوط الأنابيب التي وقعت تحت سيطرتها وأبرمت صفقات للتهريب والتجارة وفقا لمصادر بالمحافظة منها مقاتلون معارضون وموظف بشركة نفطية وأشخاص لهم صلات بالقبائل.
وتمثل دير الزور أهمية كبيرة لإنتاج النفط في سورية الذي وصل إلى أقل من النصف خلال القتال على مدى العامين الماضيين. ويعقد خطف القبائل لصناعة النفط الجهود الغربية لمساعدة المعارضة على تمويل نفسها وسيجعل مهمة إعادة الإعمار في المستقبل أكثر صعوبة.
وقال الموظف بشركة النفط الحكومية الذي ذكر أن اسمه أبو رمزي "كل قبيلة الآن تسيطر على جزء على الأقل من حقل نفطي. يتوقف هذا على حجمها وعدد المقاتلين الذين تستطيع نشرهم". وإلى جانب منشآت الإنتاج سيطر مقاتلون قبليون على خطوط أنابيب ويستخرجون منها النفط. ويقول أبو رمزي إنه يجري تهريب الآلاف من براميل النفط الخام إلى تركيا يوميا في شاحنات صغيرة من خلال طرق زراعية. وقال مصدر قريب من المهربين في دير الزور إنه يتم نقل النفط إلى معبري باب الهوى وتل أبيض الحدوديين. وذكر أبو رمزي أن سعر البرميل يتوقف على نوعية النفط الخام وتكلفة النقل كلما كانت الرحلة أقصر كان السعر أرخص، لكنها يمكن أن تصل إلى ثمانية آلاف ليرة سورية أي اكثر من 50 دولارا بقليل.
وفي الأسابيع القليلة الماضية بدأ بعض المهربين ميسوري الحال استخدام "مصافي تكرير متحركة" على شاحنات لتحويل الخام إلى وقود ومنتجات أخرى. وتبلغ تكلفة المصفاة متوسطة الحجم 230 ألف دولار ويمكنها تكرير ما يصل إلى 200 برميل يوميا. ويباع الوقود الذي يتم تهريبه إلى تركيا بسعر أعلى بنسبة 50% تقريبا من سعره داخل سورية.
وتخشى القيادة العسكرية للمعارضة المدعومة من الغرب أن تؤدي أي محاولة للسيطرة على حقول النفط إلى مواجهة دموية مع القبائل وتسبب دائرة لا تنتهي من العمليات الانتقامية.
فالأولوية بالنسبة لها هي السيطرة على مدينة دير الزور قبل التعامل مع من تصفهم "بلصوص النفط"، وهي طبقة صاعدة من قادة الفصائل تربطهم صلات النفط والمال والسلاح.