تقف أمام أحد الشوارع الجديدة وتجد لوحة مرورية قد كتب عليها بألوان مختلفة عبارات لا قيمة لها ولا معنى، ولوحة أخرى لاسم شارع قد انتزعت منه بعض الأحرف والنقاط، حتى أصبح الاسم بلا دلالة، وعندما تبحث عن أصل ذلك العبث تجد خلفه أطفالا ومراهقين قد أطلقوا طاقاتهم المكبوتة تجاه هذه الممتلكات العامة فأتلفوها وشوهوها.

يقول المواطن تركي الزهراني إن الطفل والمراهق عندما ينزل إلى الشارع يكون مشحونا من جو الدراسة والبيت، ليجد في الشارع متنفسا له يفرغ فيه طاقاته، مبينا أن المشكلة تكمن في عدم وجود البيئة المناسبة داخل الحي لتفريغ هذه الشحنات، فيمارس هوايته بالعبث في لوحات الشارع ظنا منه أنه تنفيس مشروع، وفي الحقيقة هو إهدار للممتلكات العامة.

ويشير المواطن ثامر العنزي إلى أن لوحات وأسماء الشوارع قد تم تشويهها تماما من قبل العابثين، مؤكدا أن من أمن العقوبة أساء الأدب، ويضيف أن المرافق الحيوية تنقص بعض الأحياء وإن وجدت فتعاني من الإهمال حتى تطالها يد العبث.

فيما أرجع استشاري الطب النفسي الدكتور مصطفى عبدالعظيم أسباب السلوك التخريبي والتشويهي إلى ضعف وازع الانتماء لدى المخربين، مبينا أن الانتماء يعلي بداخل الفرد قيمة الممتلكات العامة وحرصه عليها والتزامه تجاه المجتمع، وأضاف أن المخرب لا يعتبر تلك الممتلكات جزءا من وطنيته أو ملكيته المشتركة، وليست جزءا من إحساسه العام بمفهوم الوطن، مشيرا إلى أن عدم إدراك أهمية هذه المنشآت والمرافق من حيث إنها ملكية عامة أي تخص عموم المواطنين وكل من يستخدمها ويستفيد منها بمن فيهم المخرب نفسه، شوه المفهوم عنده واعتبرها تخص كيانا افتراضيا مجهولا أو أيا كان في مخيلته هانت عليه وشوهها. واعتبر عبدالعظيم أن بعض الأشخاص قد يميل إلى النزعة السادية في إيلام الآخرين، وذلك ليس بسبب الشعور بالظلم أو الانتقام، ولكنه يستمتع بإيقاع الأذى والألم على الآخرين، فيما يفتقد البعض القدوة السليمة في الأسرة، وهناك من لم ينل حظه من التعليم والتوجيه، وهناك من يوجهه التقليد الأعمى للآخرين من ذوي السلوك المنحرف. وأكد على ضرورة تحويل تلك الطاقة الداخلية إلى طاقة إيجابية مفيدة وبناءة له وللآخرين، عن طريق التوعية بالطرق السوية للتعبير عن الرأي والمشاعر، وتوفير وسائل أخرى لتأدية الغرض.