بقايا حروف! من هذا العنوان الذي يوحي للوهلة الأولى بأن الحروف على وشك الانقراض لاحقة بتلك العصور الحجرية المندثرة .. يجول في الأذهان بأن الحروف ترقد على تابوت الفراق، ولكن ما أرمي إليه هنا الكثير والكثير، مع أني أخشى أن يكون عنوان كلمتي واقعاً نعايش أطرافه ويتأصل في جذورنا. وما أعنيه هنا هو حروف اللغة العربية التي طالما كانت شامخة عند اتصالها وبنائها، راسمة أجمل المعاني وأرق الكلمات.
فجميعنا يعلم ما آل إليه حال اللغة العربية من سلب لشخصيتها التي أشبه بقاعدة البناء العظيم الذي لا يقدر على زعزعته أحد، ولكنها، وللأسف الشديد، باتت تئن، وعاودت شكواها ممن يحطمون هويتها.. فنجد مصطلحات متداولة وتعج بها تلك الأماكن جاذبة الشباب، وإن لم تكن في مجالس اللقاء نجدها على صفحات التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها، منتهكين بذلك حقوق لغة الضاد، فعند سماعي لها من البعض أو مشاهدتي لها في صفحات النت، يتبادر إلى ذهني عدة تساؤلات والتي من أهمها، هل من نقوم بتقليدهم في اللغة وفي اللباس وغيرهما الكثير، هل هم يقومون بتقليدنا؟ استفهامات تتوالى وجميعنا يعرف إجابتها. ومع هذا الانسلاخ الممقوت من قبل حارقي المعاني وأصولها يكون دورنا نحن المربين، سواء كنا أسرا أو عاملين في مجال التربية والتعليم، للوقوف مع هذه الشاكية مترجمين أجمل معانيها، جاعلين سمو أصولها تعاود الارتواء لتصبح يانعة.. أجراس تؤذن باندثار لغة القرآن ليس لها أية مبررات سوى التقليد الأعمى بصرا وبصيرة.