غداً نجدد نحن أهل المملكة العربية السعودية الاحتفاء باليوم الوطني المجيد، ونخلد ذكرى التوحيد والتأسيس على يدي جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود ـ رحمه الله ـ.. في مثل يوم غد سجل التاريخ مولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة البطولة التي قادها الملك المؤسس - طيب الله ثراه - على مدى اثنين وثلاثين عاماً بعد استرداده لمدينة الرياض عاصمة ملك آبائه وأجداده.. أكثر من ثمانين عاماً حافلة بالإنجازات على هذه الأرض الطيبة التي وضع لبناتها الأولى مؤسسها الذي يذكر التاريخ والمؤرخون أن من مناقبه أنه كان مؤمناً عميق الإيمان بالله ـ سبحانه وتعالى ـ، يعتمد عليه في كل أموره، ولا يسأل سواه في ما يتطلع إليه.. كان يملك خبرة واسعة بشؤون دينه، وألم إلماماً واسعاً بالأحكام الشرعية على هدي من الكتاب والسنة، ووضعها موضع التطبيق في ما أولاه الله من السلطان، وظل طوال حياته يجتمع كل ليلة مع العلماء والفقهاء حيث تُقرأ الكتب الدينية، ويدور الحديث حولها بينه وبين جلسائه.. وكان حكيماً يُعمل عقله في كل حركاته، ولكل خطوة عنده حساب دقيق، يقلب الأمور على وجوهها ثم يختار الطريق الذي يراه أفضل الطرق، ويكون اختياره في الأغلب هو الاختيار الصحيح.. وكان شجاعاً إلى درجة كبيرة، فلا يتردد في خوض المعارك إذا اضطر لها مهما كانت قوة خصمه وعدده وعدته.. وكان قائداً عسكرياً موهوباً يجيد رسم الخطط الحربية وتنفيذها، وكثيراً ما استعاد وقائع معركة جرت وتحقق له فيها الانتصار ليبين أخطاء خصمه وما كان يجب أن يفعل لينتصر عليه.. وكان شديد التمسك بأحكام الدين، فلا يتهاون إزاءها ولا يهادن، وفي ما عدا ذلك كان رقيق القلب ومرهف الإحساس.. وكان اهتمامه يشمل الجميع، والناس أمامه سواسية حتى يبلغ الحق مستقره.. وكان خبيراً بالمجتمعات البدوية والحضرية في شبه الجزيرة العربية، وعلى خبرة واسعة بالقبائل وأنسابها بحيث يعرف قبيلة مخاطبه من أول جملة ينطق بها، ومن موقع هذه الخبرة كان يتعامل مع الناس حسب المجتمع الذي ينتسبون إليه بدوياً كان أم حضرياً.. وكانت لديه قدرة فذة على تقريب من اختلف معه، وقدرة باهرة على توظيف من حوله من الداخل أو الخارج لصالح مشروعه الوطني.

أكثر من ثلاثين عاماً أمضاها الملك المؤسس ومعه رجاله المخلصون لتوطيد أركان دولته وجمع شتات أبنائها تحت راية التوحيد؛ ليضع بعد ذلك حجر الأساس الذي قامت عليه المملكة العربية السعودية كدولة ترتكز في كل توجهاتها على كتاب الله وسنة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وتساهم بدورها مع بقية دول العالم في ترسيخ مبادئ السلام والأمن من أجل خير الإنسانية جمعاء..

التجربة السعودية ـ عند تقييمها ـ تبين بجلاء أن الإرادة القوية والعزيمة الصادقة والرغبة الأكيدة في دفع مسيرة البناء والتقدم هي سمة بارزة لمؤسس المملكة العربية السعودية، شابهه في ذلك أبناؤه البررة الملك سعود، والملك فيصل، والملك خالد، والملك فهد ـ رحمهم الله ـ، والملك عبدالله ـ يحفظه الله ـ حيث تمثل مسيرة المملكة مراحل ثرية حافلة بالإنجازات التي تجسدت من ترسيخ أسس التطور في البلاد، إضافة إلى تمكين الإنسان السعودي من اللحاق بركب التطور في العالم بفضل ما تحقق من نهضة شاملة لا ينكرها المنصفون.. وغداً أكمل الكلام.