الاعتراف بالخطأ فضيلة، والأخذ بالحق رجولة، ويدل على سعي المرء لتصحيح مساره، والبعد عن الوقوع فيما يوقع في المخالفة دليل قاطع على ثقة الإنسان بنفسه، ومن سار على هذا النهج ستصلح أحواله وسيفوز بحب الناس وسينال رضاهم، حتى مع نفسه سيكون مرتاح البال، وفي حياته مطمئن الحال.

وفي زمننا هذا رأينا العجب العجاب مما يخلف ويحيّر الألباب من رفض للنصيحة، وعدم قبولٍ للنقد وجهل في أسلوب الحوار الأمثل والغضب على من يسدي التوجيه من فئة من الناس اتخذت اللامبالاة شعارا لها والفوضى برنامجا لها، تمشي عليه في حياتها اليومية وفي كل الشؤون، وهؤلاء عندما تناقشهم وتطالبهم بالمثول والرضوخ للحق والتراجع عن الخطأ تجد المكابرة وعدم الرغبة في قبول الرأي الصائب، والحق حتى وإن كان أبلجا، حتى يصل بهم الأمر إلى كره من يسدي لهم النصح ويوجههم ويحاول أن يعيدهم للصواب، والحقد عليه ووضعه مع قائمة الأعداء لهم، إلى درجة رميه بما ليس فيه وسبه وشتمه وغيبته في كل مكان، وطعنه في ظهره، وكأنهم هم الصادقون والحق ما قالوا ظلما وعدوانا، ولسان حالهم يوحي بأنهم لن يقبلوا بأي قول مهما كان، ومن أي شخص، لقناعتهم بأن القول ما قالوا، وكأني بهم ينطبق عليهم قول الشاعر العربي: إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام. وأنهم مهما نوقشوا لن يكون لمناقشتهم أي فائدة، لذا يجب الحذر منهم والبعد عن الاحتكاك بهم والدخول معهم في الحوار والنقاش، لأن النهاية سلبية، وفي محاورتهم مضيعة للوقت بدون فائدة، ووضع للشيء في غير محله، بل قد يأثم المرء بالدخول مع هؤلاء الجهلة المطبقين لقاعدة : (إن لم تكن معي فأنت ضدي)، طالما أنهم متمسكون برأيهم، وضاربون برأي الآخرين عرض الحائط، وصُنفوا من المطبلين والمثرثرين، ولن يتغير حالهم، والحل في هذا أن نتركهم وشأنهم وندعهم ونبتعد عن كل شيء يقربنا منهم ويدخلنا في دائرتهم الضيقة، وبذلك نسلم منهم، ونريح أنفسنا وأقلامنا وألسنتنا من مواجهتهم ومجابهتهم لعدم جدوى ذلك.