جميل أن يعاد النظر في جائزة أبها في فرعها الثقافي المعني بدعم ورعاية وتحفيز المواهب وتوفير فضاءات أرحب للتنافس الخلاق، والأجمل أن اللجنة الموكل إليها دراسة أهداف الجائزة، وتقويم ضوابطها وشروطها، تضم نخبة من ذوي الاهتمام والتخصص والدراية بالمشهد الثقافي، الأمر الذي يجعلنا نتأمل حدا أقصى من المعيارية النافية لكل دخيل على الثقافة والإبداع، والملزمة بأن تتولى اللجان العاملة بعد ذلك شؤون الجائزة وفق آلية واضحة وقادرة على الاقتراب من الموضوعية، وإن كانت الموضوعية لن تتحقق كاملة بحكم ما يعتري البشر من نوازع النفس وحظوظها، غير أن المتلقي، سواء أكان مشاركا في المسابقة أم لم يكن، سيقنعه ما ينتج عن لجان التحكيم من قرارات وما تتوصل إليه من توصيات، ولأني لست هنا بصدد الحديث عن تاريخ الجائزة وأثرها المميز في إبراز أسماء مبدعة شقت بعد ذلك طريقها باقتدار إلا أن اعتزازنا بهذه الجائزة لا يمنعنا - وإخال أنه لن يغضب أمينها العام- أن نوصي بأن تقوّم أعمال لجان التحكيم السابقة وما إذا كان بعض أعضائها سابقا ممن اختيروا بعناية في شأن ارتباطهم الثقافي أو الفني في ما يعملون على تحكيمه أم لا؟، حيث ترتب على ذلك اعتراف وإصدار شهادات استحقاق لبعض المشاركين ممن لا يزالون في خطواتهم الأولى التي مهما كانت وتيرة تسارعها فلن تتوازى مع من سبقهم خبرة واشتغالا. وإنما مروا عابرين فأناخوا ركائبهم وكان حظهم أوفر، ولم أقل إنجازهم أرقى.

إن قيمة الجائزة – في رأيي- تكمن في أمرين أحدهما قبلي يتمثل في ما رسم لها من أهداف تواكب المرحلة وتتوخى ما يحتاجه المشهد الثقافي الذي أُصرُّ على إضافة نعت "التنموي" إليه، والآخر حسن اختيار أعضاء لجان التحكيم الذين انغمسوا في فنهم وأدركوا أبعاده علما وممارسة وتجربة، وليس لمجرد أنهم متحدثون جيدون على المنابر أو أن ذائقتهم الانطباعية تتماهى مع هذا الفن أو ذاك فيجنح بهم الهوى عن أسس الفن وأصوله المتعارف عليها.

نترقب ما آل إليه اجتماع اللجنة الموقرة من توصيات، ويقيني أنهم مدركون حجم ما طلب منهم وسيكون منعطفا في تاريخ الجائزة الثقافية، خاصة وقد شملت المشاركة دول مجلس التعاون، بحسب التصريح الذي أدلى به راعي الجائزة. إعادة النظر مطلوبة وتقويم الأعمال أساس نجاحها وهذه لفتة مؤثرة نرفع لها أكف الدعاء بالتوفيق.