برزت قضية البديلات المستثنيات على السطح عام 1432 فيما توالت وعود التعيين، لتبقى أحلام المعلمات المستثنيات من التعيين معلقة بانتظار تحقيق تلك الوعود، بينما حظيت القضية بتفاعل كبير من قبل المجتمع، بكافة شرائحه، إلا أنها غابت عن نقاشات مجلس الشورى، قبل أن ترد عبر مطالبة موجهة لوزارة التربية، ضمن العديد من النقاط الأخرى الخاصة بالمشكلات الوظيفية.
كيف بدأت القضية؟
كانت بداية تشكيل كرة الثلج، لقضية المستثنيات، عندما لجأت وزارة التربية والتعليم للتعاقد مع المعلمات، حيث تذكر المعلمة جنان بديلة مستثناة" أنا خريجة 1417 وأنتظر الوظيفة منذ 17عاما ولم أحظ بها، حتى إنني قدمت في مناطق تبعد عن مدينتي بأكثر من 3 ساعات ولكن لم أتعين أيضا، بسبب شرط إثبات الإقامة الذي ألغوه لعدم جدواه، بعد ذلك ولله الحمد أكثر من عقد وأكثر من ترم كبديلة، أي بديلة عن المعلمة الأصلية والتي أقوم بمهامها، بدون مميزاتها، أي أن ليس لي غياب بعذر أو مرض، أول عقد كان يبعد عن المدينة التي أسكن بها ساعة وكنت أذهب مع مجموعة من المعلمات وكان يستقطع جزءا من الراتب للسائق طبعا ثم بعد ذلك أعطوني عقدين متتاليين في مدينتي، وجاء الأمر الملكي بالتثبيت ولم أكن حينها على رأس العمل مع العلم أنه ما يفصل بيني وبين الأمر الملكي إلا أيام واستثنوني منه، بعد اجتماع الوزارة واستثناء من لم يكن على رأس العمل ومتجاهلين الخبرة".
توالي الوعود
وبألم تسرد المعلمة فاطمة الخيبري "بديلة مستثناة منذ 1430" وتقول: "الوعود التي أطلقها مسؤولو وزارة التربية وكذلك وزارة الخدمة علقت أحلامنا على مدى سنوات في انتظار التعيين، فبتنا نعيش على وهم التعيين والتثبيت المكاني، مع تلك التصريحات التي وعدت بإنهاء تلك القضية خلال أشهر، والتي إلى الآن لم تر النور، فأعمارنا قاربت سن التقاعد قبل الشروع بالوظيفة".
ومن تلك الوعود، ما نشرته "الوطن" في 18/ 12/ 2011 بأن وزير الخدمة المدنية الدكتور عبدالرحمن البراك استفتح يومه الثالث من تعيينه، بوعد لـ20 معلمة بديلة اجتمعن أمام مبنى الوزارة، ينص على "انفراج قريب" لمشكلتهن، حيث وعد البراك المعلمات بالنظر في قضيتهن، إلا أنه طلب منحه مهلة لدراستها بعد أن شرحن له أبعاد القضية، وما سموه بـ"الإجحاف الذي لحق بهن نتيجة للعقود"، كما طالبن بضرورة تنفيذ الأوامر الملكية القاضية بتثبيتهن أسوة بغيرهن من البنود وعدم التوقف عند مبرر أنهن لسن على رأس العمل أثناء صدور الأوامر الملكية.
حراك قضائي
وفي سبتمبر من العام الماضي، نشرت "الوطن" تسلم ديوان المظالم، في الجلسة الثانية لقضية المعلمات المستثنيات، رد ممثل وزارة التربية والتعليم على دعوى المعلمات البديلات المستثنيات من التثبيت، اللاتي تقدمن بدعوى قضائية لاستبعادهن من التثبيت، وعلمت "الوطن" أن الرد أفاد بأن المعلمات المستثنيات لم يكنّ على رأس العمل فور صدور أمر تثبيت جميع المتعاقدين والمتعاقدات، بينما لم تتلق المحكمة أي رد من ممثل وزارة الخدمة المدنية الذي حضر جلسة وتغيب عن أخرى.
فيما تواصل المعلمات المستثنيات ملاحقة القضايا التي رفعت ضد بعض الجهات الحكومية التي عطلت، بحسب ما أوضحنه، أمر تعيينهن عبر اجتهادات تفسير الأمر الملكي، واختصاره على المعلمات اللاتي كن على رأس العمل أثناء ذلك، مؤكدات بأنهن ما زلن يدفعن ثمن القرارات الخاطئة من قبل بعض الوزارات.
مبادرات الدعم
وعلى المستوى الاجتماعي، لاقت قضية البديلات تجاوب ودعم الكثير من المهتمين بالشأن العام، حيث بدأت أولى المبادرات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، ثم مبادرة بعض الشعراء والكتاب بحملة للمطالبة بتثبيت البديلات، والتي بدأت في دعم قضية البديلات في "وسم" عبر مواقع التواصل الاجتماعي كـ"فكرة" بسيطة، ثم بدأت مبادرة أخرى عبر إطلاق رابطة "يا وطني" كمظلة لدعم أولى القضايا الاجتماعية ومطالبات المواطنين ومنها قضية (البديلات المستثنيات). وفي هذا الصدد، يقول الإعلامي مناحي الحصان مؤسس رابطة "يا وطني": تأسست الرابطة قبل 5 أشهر تقريبا، بهدف دعم قضايا المجتمع، وكذلك التواصل مع الجهات الإعلامية لإبراز أهم القضايا والسعي لعلاجها، ودحر من يشكك في انتماء المواطن السعودي لأرضه وولاة أمره، وذلك بجهود أكاديميين ودكاترة وإعلاميين وشعراء وكتاب من أعضاء الرابطة.
وأضاف الحصان "الإعلام يمثل السلطة الرابعة، وعبر قنواته المختلفة من تلفزيونات وصحف ورقية وإلكترونية ومواقع تواصل، نسعى لخدمة قضايا المواطنين ودعمها متمسكين بالأهداف الوطنية النبيلة".وأوضح الحصان لـ"الوطن" أن قضية البديلات مشكلة اختلقتها ثلاث وزارات ولم تصل إلى حل، لذلك نأمل من الجهات المعنية محاسبة كل مقصر تسبب فيها، وأنا مؤمن بأن الصوت هو الأقوى من أي إجراء حكومي، فبيروقراطية المعاملات أو القضايا قد تستمر لقرن للأسف.
نهايات مفتوحة
وفيما تحجم الوزارات الثلاث عن أي توضيح حول قضية البديلات المستثنيات، أكدت إحداهن، نوال البلوي "مستثناة من 1419" أن وزارة التربية والتعليم تقف موقف المتفرج دون أي دعم لتعيينهن، على الرغم من أنها هي التي تسببت في قضيتهن من الأساس، حين تمت الاستعانة بهن لتغطية عجز المعلمات، دون أن تحفظ لهن حق التعيين، أو أي حقوق وظيفية إزاء ما قدمنه من عمل كان معظمه في قرى ومناطق نائية، كبديلات للمعلمات أثناء إجازاتهن، مؤكدة على أنهن يعشن حياتهن في ترقب دائم لأي قرار ينهي قضيتهن التي طال مداها دون أي حلول.
..والقضية "غائبة" عن مناقشات "الشورى"
فيما احتلت قضية البديلات المستثنيات على أجندة معظم كتاب الصحف، خلال العام الماضي، وكذلك على هامش كبير من نقاشات مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنها لم تحظ باهتمام مماثل من قبل مجلس الشورى، حيث وردت مرة من خلال مطالبة المجلس لوزارة التربية والتعليم "في 16 ديسمبر 2012" بمعالجـة المشكلات الوظيفية لمنسوبيها من شاغلي الوظائف التعليمية، والوظائف الموقتة ووظائف محو الأمية والبديلات المستثنيـات وغيرها معالجة جذرية، ضمن مطالبتها التي شملت إنجاز برامجها التطويرية ذات الأولـوية الملـحة قبل الشروع في تنفيذ برامـج أخرى.
فيما تحدث بعض الأعضاء عن القضية عبر حوارات صحفية، وآخرها ما ذكرته عضو المجلس فدوى سلامة أبو مريفة، في حوار خاص مع "الوطن" أن من أولى القضايا التي تنوي تبنيها خلال عملها ضمن مجلس الشورى، قضية المعلمات البديلات، إضـافة إلى قضية زواج القاصـرات، وتقـاعد المرأة العاملة عند سن 35 عاما.